للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]، فذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنها تسعة وتسعون، فيُدعَى بها، ولا يدعى بغيرها، حكاه ابن بطال عن المهلّب، وفيه نظر؛ لأنه ثبت في أخبار صحيحة الدعاء بكثير من الأسماء التي لم تَرِد في القرآن، كما في حديث ابن عباس في قيام الليل: "أنت المقدّم، وأنت المؤخر"، وغير ذلك.

وقال الفخر الرازيّ: لمّا كانت الأسماء من الصفات، وهي إما ثبوتية حقيقية؛ كالحيّ، أو إضافية؛ كالعظيم، وإما سلبية؛ كالقدوس، وإما من حقيقية وإضافية؛ كالقدير، أو من سلبية إضافية؛ كالأول، والآخر، وإما من حقيقية وإضافية سلبية؛ كالمَلِك، والسُّلوب غير متناهية؛ لأنه عالم بلا نهاية، قادر على ما لا نهاية له، فلا يمتنع أن يكون له من ذلك اسم، فيلزم أن لا نهاية لأسمائه.

وحَكَى القاضي أبو بكر بن العربيّ عن بعضهم: أن لله ألف اسم، قال ابن العربيّ: وهذا قليل فيها.

ونقل الفخر الرازيّ عن بعضهم: أن لله أربعة آلاف اسم، استأثر بعلم ألف منها، وأعْلَم الملائكة بالبقية، والأنبياء بألفين منها، وسائر الناس بألف.

قال الجامع عفا الله عنه: هذه - كما قال الحافظ - رحمه الله - دعوى تحتاج إلى دليل، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

واستدلّ بعضهم لهذا القول بأنه ثبت في نفس حديث الباب: "وهو وتر، يحب الوتر"، والرواية التي سُردت فيها الأسماء لم يُعَدّ فيها الوتر، فدلّ على أن له اسمًا آخر غير التسعة والتسعين.

وتعقبه من ذهب إلى الحصر في التسعة والتسعين؛ كابن حزم: بأن الخبر الوارد لم يثبت رَفْعه، وإنما هو مُدْرَج.

واستَدلّ أيضًا على عدم الحصر بأنه مفهوم عدد، وهو ضعيف، وابن حزم ممن ذهب إلى الحصر في العدد المذكور، وهو لا يقول بالمفهوم أصلًا، ولكنه احتجّ بالتأكيد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مائة إلا واحدٌ". قال: لأنه لو جاز أن يكون له اسم زائد على العدد المذكور، لَزِم أن يكون له مائة اسم، فيبطل قوله: "مائة إلا واحدٌ"، وهذا الذي قاله ليس بحجة؛ لأن الحصر المذكور عندهم باعتبار