للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"خبّاب"؛ أي: والحال أنه قد اكتوى (سَبْعَ كَيَّاتٍ فِي بَطْنِهِ) فيه بيان سبب عيادتهم له، وهو أنه كان مريضًا، فاكتوى لمرضه، فعُدناه؛ يعني: أنه قد تداوى بالكيّ من مرض أصابه في بطنه سبع كَيّات.

و"الكيّ": هو إحراق الجلد بحديدة ونحوها، قال الطيبيّ - رحمه الله -: الكيّ علاج معروف في كثير من الأمراض، وقد ورد النهي عن الكيّ، فقيل: النهي لأجل أنهم كانوا يرون الشفاء منه، وأما إذا اعتقد أنه سبب، وأن الشافي هو الله، فلا بأس به، ويجوز أن يكون النهي من قِبَل التوكّل، وهو درجة أخرى غير الجواز. انتهى. ويؤيده حديث: "لا يسترقون، ولا يكتوون، وعلى ربّهم يتوكلون" متّفق عليه.

وقال في "العمدة": قوله: "وقد اكتوى": النهي الذي جاء عن الكيّ هو لمن يعتقد أن الشفاء من الكيّ، أما من اعتقد أن الله - عز وجل - هو الشافي، فلا بأس به، أو ذلك للقادر على مداواة أخرى، وقد استعجل، ولم يجعله آخر الدواء. انتهى (١).

[تنبيه]: أخرج هذا الحديث أحمد في "مسنده" من طريق أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: دخلت على خباب، وقد اكتوى سبعًا فقال: لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يتمنى أحدكم الموت" لتمنيته، ولقد رأيتني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أملك درهمًا، وإن في جانب بيتي الآن لأربعين ألف درهم، قال: ثم أُتي بكفنه، فلما رآه بكى، قال: لكن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة مَلْحَاء (٢)؛ إذا جُعلت على رأسه قَلَصَت عن قدميه، وإذا جُعلت على قدميه قلصت عن رأسه، حتى مُدَّت على رأسه وجُعل على قدميه الإذخر. انتهى.

وفي رواية الترمذيّ: "فقال: ما أعلم أحدًا من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لقي من البلاء ما لقيتُ"؛ أي: من الوجع الذي أصابه. وحَكَى الحافظ العراقيّ - رحمه الله - في "شرح الترمذيّ" احتمالَ أن يكون أراد بالبلاء: ما فُتح عليه من المال بعد أن كان لا يجد درهمًا، كما وقع صريحًا في رواية عنه، قال: "لقد كنتُ وما أجد درهمًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ناحية بيتي أربعون ألفًا"؛ يعني:


(١) "عمدة القاري" ٢١/ ٢٢٦.
(٢) أي: فيها خطوط بيض وسُود.