للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآن. وتعقّبه بأن غيره من الصحابة كان أكثر مالًا منه؛ كعبد الرحمن بن عوف، واحتمالَ أن يكون أراد: ما لقي من التعذيب في أول الإسلام من المشركين، وكأنه رأى أن اتساع الدنيا عليه يكون ثواب ذلك التعذيب، وكان يُحبّ أن لو بقي له أجره مُوَفّرًا في الآخرة. قال: ويحتمل أن يكون أراد: ما فَعَلَ من الكيّ مع ورود النهي عنه، كما قال عمران بن حُصين - رضي الله عنهما -: "نُهينا عن الكيّ، فاكتوينا، فما أفلحنا". قال: وهذا بعيد، قال الحافظ: وكذلك الذي قبله. انتهى (١).

(فَقَالَ) خبّاب - رضي الله عنه - (لَوْمَا) وفي بعض النسخ: "لولا" وهما بمعنى واحد، موضوعان للدلالة على امتناع شيء لوجود غيره، كما قال في "الخلاصة":

"لَوْلَا" و"لَوْمَا" يَلْزَمَانِ الابْتِدَا … إِذَا امْتِنَاعًا بِوُجُودٍ عَقَدَا

(أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ)؛ أي: لأستريح من شدّة المرض الذي من شأن الجِبِلّة البشريّة أن تنفِرَ منه، ولا تصبر عليه.

وفيه أن الدعاء بالموت ممنوع، وهذا لا يعارض ما تقدّم من حديث أنس - رضي الله عنه -؛ لأن المراد هنا: الدعاء بالجزم، وهناك بالتعليق، كما تقدّم إيضاحه قريبًا.

وقال في "الفتح": الدعاء بالموت أخصّ من تمنّي الموت، وكلّ دعاء تمنّ، من غير عكس.

[تنبيه]: هذا الحديث ساقه البخاريّ مطوّلًا، فقال:

(٥٣٤٨) - حدّثنا آدم، حدّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: دخلنا على خَبّاب نعوده، وقد اكتوى سبع كيّات، فقال: إن أصحابنا الذين سَلَفُوا مَضَوا، ولم تَنْقُصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعًا إلا التراب، ولولا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت، لدعوت به، ثم أتيناه مرّة أخرى، وهو يبني حائطًا له، فقال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه، إلا في شيء يجعله في هذا التراب. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٦، "كتاب المرضى" رقم (٥٦٧٢).
(٢) "صحيح البخاريّ" ٥/ ٢١٤٧.