للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا"؛ أي: لم تنقص أجورهم بمعنى أنهم لم يتعجلوها في الدنيا، بل بقيت موفَّرة لهم في الآخرة، وكأنه عَنَى بأصحابه: بعض الصحابة ممن مات في حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأما من عاش بعده، فإنهم اتسعت لهم الفتوح، ويؤيده حديثه الآخر: "هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مضى، لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير".

ويَحْتَمِل أن يكون عَنَى: جميع من مات قبله، وأن من اتسعت له الدنيا لم تؤثّر فيه، إما لكثرة إخراجهم المال في وجوه البِرّ، وكان من يحتاج إليه إذ ذاك كثيرًا، فكانت تقع لهم الموقع، ثم لمّا اتسع الحال جدًّا، وشَمِل العدل في زمن الخلفاء الراشدين، استغنى الناس، بحيث صار الغني لا يجد محتاجًا يضع بِرّه فيه، ولهذا قال خباب: وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعًا إلا التراب؛ أي: الإنفاق في البنيان.

وأغرب الداوديّ، فقال: أراد خباب بهذا القول: الموت؛ أي: لا يجد للمال الذي أصابه إلا وَضْعه في القبر، حكاه ابن التين، وردّه، فأصاب، وقال: بل هو عبارة عما أصابوا من المال، قاله في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث خبّاب بن الأرتّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٤/ ٦٧٩٣ و ٦٧٩٤] (٢٦٨١)، و (البخاريّ) في "المرضى" (٥٦٧٢) و"الدعوات" (٦٣٤٩ و ٦٣٥٠) و"الرقاق" (٦٤٣٠ و ٦٤٣١) و"التمنّي" (٧٢٣٤)، و (الترمذيّ) في "الجنائز" (٩٧٠) و"صفة القيامة" (٢٤٨٣)، و (النسائيّ) في "المجتبى" (٤/ ٤) و"الكبرى" (١٩٤٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٩/ ١٠٥ و ١١٠ و ١١٢ و ٦/ ٣٩٥)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١٥٤)،


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٧، "كتاب المرضى" رقم (٥٦٧٢).