وقال المناويّ - رحمه الله -: قوله: "إما محسنًا"، و"إما مسيئًا" بكسر همزة "إما" فيهما، ونَصْب "محسنًا" و"مسيئًا"، قال القاضي: وهو الرواية المعتدّ بها، تقديره: إن كان محسنًا، فحُذف الفعل بما استكن فيه، من الضمير، وعُوِّض عنه "مَا"، وادغم في ميمها النون، ويَحْتَمِل أن يكون "إمّا" حرف تقسيم، و"محسنًا" منصوب بأنه خبر "يكون"، والتقدير: إما أن يكون محسنًا، أو حالٌ والعامل فيه ما دلّ عليه الفعل السابق؛ أي: إما أن يتمناه محسنًا. انتهى.
ورُوي بفتحها، ورَفْع "محسن" بجعله صفة لمبتدأ محذوف، وما بعده خبره.
وقال ابن مالك رحمه اللهُ: تقديره: إما أن يكون محسنًا، وإما أن يكون مسيئًا، فحَذَف "يكون" مع اسمها، وأَبقَى الخبر، قال: و"لعل" هنا شاهد على مجيئها للرجاء المجرد عن التعليل، وأكثر مجيئها في الرجاء؛ إذا كان معه تعليل.
وتعقبه الدمامينيّ، فقال: اشتمل كلامه على أمرين ضعيفين، قابِلَين للنزاع:
أما الأول: فجَزْمه بأن "محسنًا" و"مسيئًا" خبر ليكون محذوفًا، مع احتمال أن يكونا حالين من فاعل "يتمنى"، وهو "أحدكم"، وعطف أحد الحالين على الآخر، وأتى بعد كل حال بما ينبه على علة النهي عن تمني الموت، والأصل: لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنًا، واما مسيئًا؛ أي: سواء كان على حالة الإحسان، أو الإساءة، أما إذا كان محسنًا فلا يتمناه، لعله يزداد إحسانه إحسانًا، فيضاعف ثوابه، وإما أن يكون مسيئًا، فلا يتمناه، فلعله يَندَم على إساءته، ويطلب الرضا، فيكون سببًا لمحو ذنوبه.
وأما الثاني: فادعاؤه أن أكثر مجيء "لعل" للترجي، وهذا قَيْد ممنوع، وكتُب أكابر النحاة طافحة بالإعراض عنه.
وقوله:"فلعله يستعتب"؟؛ أي: يطلب الْعُتْبَى؛ أي: الرضا من الله، بأن يحاول إزالة غضبه بالتوبة، وردّ المظالم، وتدارك الفائت، وإصلاح العمل، ذكره القاضي.
وقال التوربشتيّ: والنهي وإن أُطلق لكن المراد منه التقييد بما وُجّه به من تلك الدلالة، وقد تمناه كثير من الصديقين شوقًا إلى لقاء الله تعالى، وتنعمًا