في تفسير قوله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس: ٢٦] ما يدل على أن المراد برداء الكبرياء في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - الحجاب المذكور في حديث صهيب - رضي الله عنه - يعني: الحديث الآتي بعد هذا - وأنه سبحانه وتعالى يكشف لأهل الجنة إكرامًا لهم.
وقال القرطبي في "المفهم": الرداء استعارة كَنَى بها عن العظمة، كما في الحديث الآخر:"الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري"، وليس المراد الثياب المحسوسة، لكن المناسبة أن الرداء والإزار لمّا كانا متلازمين للمخاطب من العرب، عَبّر عن العظمة والكبرياء بهما. ومعنى حديث الباب: أن مُقْتَضى عزة الله واستغنائه أن لا يراه أحد لكن رحمته للمؤمنين اقتضت أن يُرِيهم وجهه كمالًا للنعمة، فإذا زال المانع فعل معهم خلاف مقتضى الكبرياء فكأنه رفع عنهم حجابًا كان يمنعهم.
قال الجامع عفا الله عنه: دعوى القرطبيّ الاستعارة غير صحيحة، بل الحديث لا مجاز فيه، بل هو على حقيقته، على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى، وقد سبق تحقيق هذا غير مرّة، والله تعالى وليّ التوفيق.
ونقل الطبري عن علي - رضي الله عنه - وغيره في قوله تعالى:{وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[ق: ٣٥] قال: هو النظر إلى وجه الله عز وجل.
(فِي جَنَّةِ عَدْنٍ") راجع إلى القوم، قاله في "الفتح"، فهو متعلِّق بحال من ضمير "ينظرون"، قاله السنديّ، وقال عياض: معناه راجع إلى الناظرين، أي: وهم في جنة عدن، لا إلى الله، فإنه لا تحويه الأمكنة سبحانه وتعالى.
وقال القرطبي: يتعلق بمحذوف في موضع الحال من "القوم"، مثل: كائنين "في جنة عدن"، وقال الطيبي: قوله: "في جنة عدن" متعلّق بمعنى الاستقرار في الظرف، فيفيد بالمفهوم انتفاء هذا الحصر في غير الجنة، وإليه أشار التوربشتي بقوله: يشير إلى أن المؤمن إذا تبوأ مقعده، والحجب مرتفعة، والموانع التي تحجب عن النظر إلى ربه مُضْمَحِلَّة إلا ما يصدّهم من الهيبة، كما قيل: