قال الجامع عفا الله عنه: دعوى عياض هنا الاستعارة غير صحيحة، فالحقّ إثبات رداء الكبرياء على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى كما أثبته هذا النصّ الصحيح المتّفق على صحّته، ولا يلزم منه التشبيه؛ لأنه إنما يلزم لو قلنا: رداء كرداء الخلق، فتفطّن، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقال الطيبي: قوله: "على وجهه" حال من "رداء الكبرياء".
وقال الكرماني: هذا الحديث من المتشابهات، فإما مُفَوَّضٌ، وإما مُتَأَوَّلٌ بأن المراد بالوجه الذات، والرداء صفة من صفات الذات اللازمة المنزهة عما يشبه المخلوقات.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "متأول بأن المراد بالوجه الذات" هذا التأويل خطأ، والصواب إجراء النصّ على ظاهره على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، فمن فعل ذلك فقد سلك جادّة أهل السنة والجماعة، ولا يستلزم ذلك النقص ولا التشبيه، وأيضًا فلو جاء التشبيه من إثبات الوجه، للزم في إثبات الذات التي أُوِّل إليها؛ إذ لا فرق بينهما، فالواجب إثبات الوجه على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، كثبوت الذات له من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف، ولا تعطيل، فهذا هو الباب المطّرد الواسع في باب الأسماء والصفات، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، فإنه حجة البليد، ومستمسك العنيد، والله تعالى الهادي إلى سواء السييل.
ثم استشكل الكرمانيّ ظاهره بأنه يقتضي أن رؤية الله غير واقعة.
ثم أجاب بأن مفهومه بيان قرب النظر؛ إذ رداء الكبرياء لا يكون مانعًا من الرؤية، فعَبَّر عن زوال المانع عن الإبصار بإزالة المراد. انتهى.
وحاصله أن رداء الكبرياء مانع عن الرؤية، فكأن في الكلام حذفًا تقديره بعد قوله:"إلا رداء الكبرياء"، فإنه يَمُنّ عليهم برفعه، فيحصل لهم الفوز بالنظر إليه، فكأنّ المراد أن المؤمنين إذا تبوؤوا مقاعدهم من الجنة، لولا ما عندهم من هيبة ذي الجلال، لَمَا حال بينهم وبين الرؤية حائل، فإذا أراد إكرامهم حَفّهم برأفته، وتفضّل عليهم بتقويتهم على النظر إليه سبحانه وتعالى.
قال الحافظ رحمه الله بعد ذكر ما تقدّم: ثم وجدت في حديث صهيب - رضي الله عنه -