للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(هُمُ الْقَوْمُ) في تعبيره باللام إشعار بالكمال؛ أي: هم القوم كل القوم على حدّ قول الشاعر [من الطويل]:

وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُم … هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ

(لَا يَشْقَى بِهِمْ)؛ أي: بسببهم، وبسبب إكرام الله تعالى لهم، (جَلِيسُهُمْ)؛ أي: مُجالِسهم، ولو لم يُرد ذلك، ولا قَصَده، وإنما قَصْده غرض آخر من الأغراض الدنيويّة.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "لا يشقى بهم جليسهم" هذه مبالغة في إكرامهم، وزيادةٌ في إعلاء مكانتهم، ألا ترى أنه أَكْرَم جليسهم بنحو ما أُكرموا به؛ لِأَجْلهم، وإن لم يشفعوا فيه، ولا طلبوا له شيئًا، وهذه حالةٌ شريفةٌ، ومنزلة مُنيفة، لا خيّبنا الله منهم، وجعلنا من أهلها. انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم"، وللترمذيّ: "لا يشقى لهم جليس".

قال في "الفتح": وهذه الجملة مستأنفة لبيان المقتضِي لكونهم أهل الكمال، وقد أخرج جعفر في "الذكر" من طريق أبي الأشهب، عن الحسن البصريّ، قال: "بينا قوم يذكرون الله؛ إذ أتاهم رجل، فقعد إليهم، قال: فنزلت الرحمة، ثم ارتفعت، فقالوا: ربنا فيهم عبدك فلان، قال: غَشُّوهم رحمتي، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"، وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل: لَسَعِد بهم جليسهم، لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في حصول المقصود. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "المفهم" ٧/ ١٢٣.
(٢) "الفتح" ١٤/ ٤٦٤، "كتاب الدعوات" رقم (٦٤٠٨).