للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إحياء الموتى، وقد تقدَّم هذا المعنى. انتفى (١).

(قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ)؛ أي: يطلبون منك الأمان من النار، وأن تحفظهم منها، (قَالَ) الله تعالى: (وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ قَالَ) الله تعالى: (وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟) حتى يستجيروني منها، (قَالُوا: لَا)؛ أي: لم يروها، وإنما آمنوا بها، وصدّقوا بما أنزلته في كتابك، وعلى لسان رسولك - صلى الله عليه وسلم - من أغلالها، وأنكالها، وأهوالها الشداد، (قَالَ) الله تعالى: (فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟)؛ أي: فكيف حالهم لو رأوا ناري عيانًا ومشاهدةً؟، زاد في رواية البخاريّ: "كانوا أشدّ منها فرارًا، وأشدّ لها مخافةً"، وفي رواية أبي معاوية: "كانوا أشدّ منها هَرَبًا، وأشدّ منها تعوّذًا وخوفًا".

(قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ)؛ أي: يطلبون منك مغفرة ذنوبهم، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (فَيَقُولُ) الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ) ذنوبهم (فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا)؛ أي: من دخول الجنّة، ومغفرة الذنوب، (وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا)؛ أي: من النار، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: (فَيَقُولُونَ)؛ أي: الملائكة - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وفي رواية البخاريّ: "فيقول ملَك من الملائكة"، ويُجمع بأن الذي قال أحدهم، ونُسب إليهم لرضاهم به. (رَبِّ) بحذف حرف النداء؛ أي: يا رب (فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ)؛ أي: كثير الخطأ (إِنَّمَا مَرَّ) بهم (فَجَلَسَ مَعَهُمْ) وفي رواية البخاريّ: "يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان، ليس منهم، إنما جاء لحاجة"، في رواية أبي معاوية: "فيقولون: إن فيهم فلانًا الخطّاء، لم يُرِدْهم، إنما جاء لحاجة".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -؛ إنما استبعدت الملائكة أن يدخل هذا مع أهل المجلس في المغفرة؛ لأنَّه لم تكن عادَتُه حضور مجالس الذكر، وإنما كانت عادته ملازمة الخطايا، فعَرَض له هذا المجلس، فجلسه، فدخل مع أهله فيما قُسِم لهم من المغفرة، والرحمة، فيُستفاد منه الترغيب العظيم، في حضور مجالس الذكر، ومجالسة العلماء، والصالحين، وملازمتهم. انتهى (٢).

(قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ)؛ أي: لفلان الخطَّاء (غَفَرْتُ) خطاياه بسببهم؛ لأنهم


(١) "المفهم" ٧/ ١٢.
(٢) "المفهم" ٧/ ١٣.