للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأفضل مما جاء(إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى "عَمِل": قال، فسمّى القول عملًا، كما قد صرح به في الرواية الأخرى، والذِّكر من الأعمال التي لا تنفع إلا بالنيّة، والإخلاص. انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "إلا رجل عَمِل أكثر منه"، وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: "لم يجئ أحد بأفضل من عمله، إلا من قال أفضل من ذلك"، أخرجه النسائيّ بسند صحيح إلى عمرو، قال في "الفتح": والاستثناء في قوله: "إلا رجل" منقطع، والتقدير: لكن رجل قال أكثر مما قاله، فانه يزيد عليه، ويجوز أن يكون الاستئناء متصلًا. انتهى (٢).

وقال الزرقانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إلا أحد" استثناء منقطع؛ أي: لكن أحد عمل أكثر مما عمل، فإنه يزيد عليه، أو متّصل بتأويل.

قال ابن عبد البرّ: فيه تنبيه على أن المائة غاية في الذكر، وأنه قلّ من يزيد عليه، وقال: إلا أحد؛ لئلا يُظَنّ أن الزيادة على ذلك ممنوعة، كتكرار العمل في الوضوء.

ويَحْتَمِل أن يريد: لا يأتي أحد من سائر أبواب البرّ بأفضل مما جاء به، إلا أحد عَمِل من هذا الباب أكثر من عمله، ونحوه قول القاضي عياض: ذِكْرُ المائة دليل على أنها غاية للثواب المذكور، وقوله: "إلا أحد" يَحْتَمِل أن يريد الزيادة على هذا العدد، فيكون لقائله من الفضل بحسابه؛ لئلا يُظَنّ أنه من الحدود التي نُهي عن اعتدائها، وأنه لا فضل في الزيادة عليها، كما في ركعات السنن المحدودة، وأعداد الطهارة.

ويَحْتَمِل أن تراد الزيادة من غير هذا الجنس من الذكر وغيره؛ أي: إلا أن يزيد أحد عملًا آخر من الأعمال الصالحة.

وظاهر إطلاق الحديث يقتضي أن الأجر يحصل لمن قال هذا التهليل في اليوم متواليًا، أو مفرَّقًا في مجلس، أو مجالس، في أول النهار، أو في آخره، لكن الأفضل أن يأتي به متواليًا في أول النهار؛ ليكون له حِرزًا في جميع


(١) "المفهم" ٧/ ٢١.
(٢) "الفتح" ١٤/ ٤٤٧، "كتاب الدعوات" رقم (٦٤٠٣).