مرّة، (حُطَّتْ) بالبناء للمفعول؛ أي: أزيلت، ومُحيت (خَطَايَاهُ) وفي نسخة: "حُطّت عنه خطاياه"، (وَلَوْ كَانَتْ) تلك الخطايا في الكثرة (مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ") "الزبد" بفتحتين: هو ما يعلو على وجه البحر عند هيجانه، واختصاص هذه الألفاظ بالذكر، واعتبار الأعداد المعيَّنة بحكمة تخصّها، لا يَطّلع عليها إلا من أمدّه الله تعالى بنور الوحي.
وقال في "الفتح": زاد في رواية: "من قال حين يمسي، وحين يصبح"، ويأتي في ذلك ما ذكره النوويّ من أن الأفضل أن يقول ذلك متواليًا في أول النهار، وفي أول الليل، والمراد بقوله: "وإن كانت مثل زبد البحر": الكناية عن المبالغة في الكثرة، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٦٨١٨](٢٦٩١)، و (البخاريّ) في "بدء الخلق" (٣٢٩٣) و"الدعوات" (٦٤٠٣)، و (الترمذيّ) في "الدعوات" (٣٤٦٨)، و (النسائيّ) في "عمل اليوم والليلة" (٢٥ و ٢٦)، و (ابن ماجه) في "الآداب" (٣٧٩٨)، و (مالك) في "الموطّأ" (١/ ٢٠٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٨٤٩)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان" (١/ ٤٢٢)، و (الطبرانيّ) في "الدعاء" (١/ ١٢٦)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (١٢٧٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضل الذكر بما جاء في هذا الحديث.
٢ - (ومنها): بيان أن الذكر فضله عظيم، وإن كان من الأفعال التي لا مشقّة فيها، بل هي متيسّرة على الجميع، حيث إنها تُفعل قيامًا، وقعودًا، وعلى الجُنوب، وماشيًا، ومشتغلًا بأشغال أخرى، ومع هذا كلّه يحصل بها من الأجر ما لا يحصل بالأعمال الشاقّة، بل هي أفضل من الجهاد، والإنفاق في سبيل الله، وغير ذلك من الأعمال، فقد أخرج الترمذيّ من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند