للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (١): هذا الإطلاق في الأفضلية محمول على كلام الآدميّ، وإلا فالقرآن أفضل الذكر.

وقال البيضاويّ: الظاهر أن المراد من الكلام: كلام البشر، فإن الثلاث الأُوَل، وإن وُجدت في القرآن، لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه.

قال الحافظ: ويَحْتَمِل أن يُجمع بأن تكون "من" مضمرة في قوله: "أفضل الذكر لا إله إلا الله"، وفي قوله: "أحب الكلام" بناءً على أن لفظ أفضل وأحب متساويان في المعنى، لكن يظهر مع ذلك تفضيل "لا إله إلا الله"؛ لأنها ذُكرت بالتنصيص عليها بالأفضلية الصريحة، وذُكرت مع أخواتها بالأحبية، فحصل لها التفضيل تنصيصًا وانضمامًا، والله أعلم.

وأخرج الطبريّ من رواية عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "إن الرجل إذا قال: لا إله إلا الله، فهي كلمة الإخلاص التي لا يقبل الله عملًا حتى يقولها، وإذا قال: الحمد لله، فهي كلمة الشكر التي لم يشكر الله عبدٌ حتى يقولها".

ومن طريق الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "من قال: لا إله إلا الله، فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين".

[تكميل]: أخرج النسائيّ بسند صحيح، عن أبي سعيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قال موسى: يا رب علِّمني شيئًا أذكرك به، قال: قل: لا إله إلا الله. . ." الحديث، وفيه: "لو أن السماوات السبع، وعامرهنّ والأرضين السبع، جُعلن في كِفّة، ولا إله إلا الله في كِفّة، لمالت بهنّ لا إله إلا الله"، فيؤخذ منه أن الذكر بلا إله إلا الله أرجح من الذكر بالحمد لله.

ولا يعارضه حديث أبي مالك الأشعريّ - رضي الله عنه -، رفعه: "والحمد لله تملأ الميزان"، فإن الملء يدلّ على المساواة، والرجحانُ صريح في الزيادة، فيكون أَولى، ومعنى "ملء الميزان": أن ذاكرها يمتلئ ميزانه ثوابًا.

وقال ابن بطال رَحِمَهُ اللهُ: هذه الفضائل الواردة في فضل الذكر إنما هي لأهل


(١) "شرح النوويّ" ١٧/ ١٤.