للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "اللسان": واختلفوا في اشتقاق ذلك، فقال بعضهم: معناه بَرَدَت، وانقطع بكاؤها، واستحرارها بالدمع، فإن للسرور دَمْعَةً باردةً، وللحزن دَمعةً حارّة، وقيل: من الْقَرَار، أي رأت ما كانت متشوّفةً إليه، فقرّت ونامت، وأقرّ الله عينه وبعينه، وقيل: أعطاه حتى تقرّ، فلا تطمح إلى من هو فوقه. وقيل: أَقرّ الله عينه مشتقّ من الْقَرُور، وهو الماء البارد، وقيل: أقرّ الله عينك، أي صادفت ما يُرضيك، فتقرّ عينك من النظر إلى غيره، وقيل: أقرّ الله عينه: أنام الله عينه، والمعنى: صادف سُرورًا، يُذهب سَهَره، فينام. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث صهيب - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في الكلام على هذا الحديث: هذا الحديث هكذا رواه المصنّف، والترمذي في "جامعه"، وابن ماجه في "سننه"، وغيرهم من رواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى، عن صهيب - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو عيسى الترمذيّ، وأبو مسعود الدمشقيّ، وغيرهما: لم يروه هكذا مرفوعًا عن ثابت غير حماد بن سلمة، ورواه سليمان بن المغيرة، وحماد بن زيد، وحماد بن واقد، عن ثابت، عن ابن أبي ليلى من قوله، ليس فيه ذكرُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا ذكرُ صهيب - رضي الله عنه -. قال النوويّ رحمه الله في "شرح مسلم": وهذا الذي قاله هؤلاء ليس بقادح في صحّة الحديث، فقد قدّمنا في الفصول أن المذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه الفقهاء، وأصحاب الأصول، والمحقّقون من المحدّثين، وصححه الخطيب البغداديّ أن الحديث إذا رواه بعض الثقات متّصلًا، وبعضهم مرسلًا، أو بعضهم مرفوعًا، وبعضهم موقوفًا حُكم بالمتّصل وبالمرفوع؛ لأنهما زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير من كلّ الطوائف. انتهى (٢).


(١) "لسان العرب" ٥/ ٨٦.
(٢) "شرح صحيح مسلم" للنووي ٣/ ١٧.