قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ رحمه الله من إطلاقه القول: بقبول زيادة الثقة مطلقًا، وكذا الحكم للموصول والمرفوع على الإطلاق، ليس هو المختارَ عند المحدّثين، بل المختار عندهم أن القبول يدور مع القرائن، فإن قامت قرينة لترجيح الوصل والرفع على ضدّهما حُكِم به، وإلا فلا، وكذا القول في زيادة الثقة، وقد استوفيت تحقيق هذا البحث في "شرح المقدمة"، فراجعه تستفد.
ثم إن ما قاله النووي من الترجيح هنا مقبول؛ لأن الذي وصله هو حماد بن سَلَمة، وهو مُقَدَّم في ثابت على غيره، فترجّح روايته.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في "شرح علل الترمذيّ" في ذكر طبقات أصحاب ثابت البنانيّ: الطبقة الأولى الثقات، كشعبة، وحماد بن زيد، وسليمان بن المغيرة، وحماد بن سلمة، ومعمر، وأثبت هؤلاء كلهم في ثابت حمادُ بن سلمة، كذا قال أحمد في رواية ابن هانئ: ما أحدٌ روى عن ثابت أثبتُ من حماد بن سلمة.
وقال ابن معين: حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت البنانيّ، وقال أيضًا: حماد بن سلمة أعلم الناس بثابت، ومن خالف حماد بن سلمة في ثابت فالقول قول حماد.
وقال ابن المدينيّ: لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة، ثم مِن بعده سليمان بن المغيرة، ثم من بعده حماد بن زيد، وهي صحاح، يعني: أن أحاديث هؤلاء الثلاثة عن ثابت.
وقال أبو حاتم الرازيّ: حماد بن سلمة في ثابت وعليّ بن زيد أحبّ إليّ من همّام، وهو أحفظ الناس، وأعلم الناس بحديثهما، بَيّن خطأ الناس، يعني: أن من خالف حمادًا في حديث ثابت وعليّ بن زبد قُدِّم قول حماد عليه، وحُكم بالخطأ على مخالفه.
وحَكَى مسلم في "كتاب التمييز" إجماعَ أهل المعرفة على أن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت، وحَكى ذلك عن يحيى القطان، وابن معين، وأحمد، وغيرهم من أهل المعرفة.
وقال الدارقطنيّ: حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت. انتهى ما ذكره