ذهب موسى إلى الخضر - عليهما الصلاة والسلام - وقال له:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}[الكهف: ٦٦]،، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أُنيس في حديث واحد.
(سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ)؛ أي: بذلك السلوك، أو الطريق، أو الالتماس، أو العلم، والباء سببيّة. (طَرِيقًا) موصلًا، ومُنْهِيًا (إِلَى الْجَنَّةِ)؛ أي: يسهّل الله له العلم الذي طلبه، وسلك طريقه، وييسّره عليه، فإن العلم طريق يوصل إلى الجنة، أو يُيسّر الله له إذا قصد بطلبه وجه الله تعالى الانتفاع به، والعمل بمقتضاه، فيكون سببًا لهدايته، ولدخول الجنّة بذلك، وقد يُيسّر الله لطالب العلم علومًا أخرى ينتفع بها، وتكون موصلة إلى الجنة، أو يسهّل الله له طريق الجنة الحسيّ يوم القيامة، وهو الصراط، وما قبله، وما بعده من الأهوال، فييسّر ذلك على طالب العلم للانتفاع به.
(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ)؛ أي: مجمع (مِنْ بُيُوتِ اللهِ) بضمّ الباء، وتكسر، وإنما عدل عن المساجد إلى بيوت الله؛ ليشمل كل ما يبنى تقربًا إلى الله تعالى، من المساجد، والمدارس، والرُّبُط.
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: بيوت الله هي المساجد، كما قال تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[النور: ٣٦]. انتهى، والأول أقرب، والله تعالى أعلم.
وقوله:(يَتْلُونَ) حال من "قوم"؛ لتخصيصه. (كِتَابَ اللهِ)؛ أي؛ القرآن الكريم، مع التدبّر فيما يتعلق بذات الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ومعرفة الحلال والحرام، وغير ذلك مما حواه الكتاب من عجائب الدنيا والآخرة.
(وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ) قيل: المراد بالتدارس: قراءة بعضهم على بعض تصحيحًا لألفاظه، أو كشفًا لمعانيه، والأظهر: إجراؤه على عمومه، فيشمل جميع ما يتعلّق بالقرآن، من التعليم، والتعلم، والتفسير، والتحقيق في مبانيه، والاستكشاف عن دقائق معانيه.
(إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ) يجوز فيه كسر الهاء، وضم الميم، وهو الأكثر، وضمهما، وكسرهما. (السَّكِينَةُ) قيل: المراد بالسكينة هنا: الرحمة، وهو الذي