للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما كانوا قط، فمن كسا لله كساه الله، ومن أطعم لله أطعمه الله، ومن سقَى لله سقاه الله، ومن عفى لله أعفاه الله".

وخرّج البيهقيّ من حديث أنس مرفوعًا: "أن رجلًا من أهل الجنة يُشرف يوم القيامة على أهل النار، فيناديه رجل من أهل النار: يا فلان، هل تعرفني؟ فيقول: لا والله، ما أعرفك، من أنت؟ فيقول: أنا الذي مررتَ بي في دار الدنيا، فاستسقيتني شَرْبة من ماء، فسقيتك، قال: قد عرفت، قال: فاشفع لي بها عند ربك، قال: فيسأل الله تعالى، فيقول: شَفِّعني فيه، فيأمر به، فيخرجه من النار" (١).

وقوله: "كربة من كرب يوم القيامة" ولم يقل: من كرب الدنيا والآخرة، كما قيل في التيسير والستر، وقد قيل في مناسبة ذلك: إن الكُرَب هي الشدائد العظيمة، وليس كل أحد يحصل له ذلك في الدنيا، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى السَّتر، فإن أحدًا لا يكاد يخلو من ذلك، ولو بتعسّر الحاجات المهمة، وقيل: لأن كُرَب الدنيا بالنسبة إلى كُرَب الآخرة كلا شيء، فلذا ادّخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده؛ لينفّس به كرب الآخرة، ويدلّ على ذلك قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُسمعهم الداعي، وَيَنفُدهم البصر، وتدنو الشمس منهم، فيبلغ الناس من الكَرْب والغم ما لا يطيقون، ولا يحتملون، فيقول الناس بعضهم لبعض: ألا ترون ما بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم. . ." وذكر حديث الشفاعة، خرّجاه بمعناه، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وخرّجاه من حديث عائشة - رضي الله عنها -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "تُحشرون حُفاة عُراة غُرْلًا، قالت: فقلت: يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم بعضًا؟ فقال: الأمر أشدّ من أن يُهِمَّهم ذلك".

وخرّجاه من حديث ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين: ٦]، قال: "يقوم أحدهم في الرَّشْح إلى أنصاف أذنيه".


(١) رواه أبو يعلى (٣٤٩٠) وفي سنده علي بن أبي سارة: متروك، راجع: "المجمع" ١٠/ ٣٨٢.