للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخرّجاه من حديث أبي هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَعْرَق الناس يوم القيامة، حتى يذهب عَرَقهم في الأرض سبعين ذراعًا، ويُلْجمهم حتى يبلغ آذانهم"، ولفظه للبخاريّ، ولفظ مسلم: "إن العرق ليذهب في الأرض سبعين ذراعًا، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس، أو إلى آذانهم".

وخرّج مسلم من حديث المقداد عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "تدنو الشمس من العباد، حتى تكون قدر ميل، أو ميلين، فتَصْهَرهم الشمس، فيكونون في العرق قَدْر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حِقْويه، ومنهم من يُلجمه إلجامًا".

وقال ابن مسعود: الأرض كلها يوم القيامة نار، والجنة من ورائها، ترى أكوابها، وكواعبها، فيعرق الرجل حتى يرشح عرقه في الأرض قدر قامة، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه، وما مسَّه الحساب، قال: فمم ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما يرى الناس ما يُصنع بهم.

وقال أبو موسى: الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، فأعمالهم تظلهم، أو تُضحيهم (١).

وفي "المسند" من حديث عقبة بن عامر، مرفوعًا: "كل امرئ في ظل صدقته، حتى يُفصل بين الناس (٢).

(المسألة السادسة): قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن يسَّر على مُعْسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة": وهذا أيضًا يدلّ على أن الإعسار قد يحصل في الآخرة، وقد وَصَف الله يوم القيامة بأنه عسير، وأنه على الكافرين غير يسير، فدلّ على أنه يسير على غيرهم، وقال: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: ٢٦]، والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين: إما بإنظاره إلى الميسرة، وذلك واجب، كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠]، وتارةً بالوضع عنه إن كان غريمًا، وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم.


(١) أي: تظهرهم، وتبرزهم.
(٢) رواه أحمد ٤/ ١٤٧ - ١٤٨، وصححه ابن حبّان برقم (٣٣١٠).