لا، فأمَره بإعادة الصلاة. انتهى، وهذا الأثر عن طاوس ذكره مسلم في "صحيحه" بلاغًا بغير إسناد.
قال القاضي عياض: وهذا يدلّ على أنه حَمَل أمْر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك على الوجوب، وقال النوويّ: ظاهر كلام طاوس أنه حَمَل الأمر به على الوجوب، فأمر بإعادة الصلاة؛ لفواته، وجمهور العلماء على أنه مستحب، ليس بواجب، ولعل طاووسًا أراد تأديب ابنه، وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه. انتهى.
وكذا قال أبو العباس القرطبيّ: يَحْتَمِل أن يكون إنما أمَره بالإعادة تغليظًا عليه؛ لئلا يتهاون بتلك الدعوات، فيتركها، فيُحْرم فائدتها وثوابها. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا يخفى أن الذي يظهر من أمر طاوس لابنه بالإعادة أنه يرى وجوب ذلك، وهذا هو الأرجح؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَر به، وأمْره للوجوب إلا لصارف، ولا صارف هنا، فما ذهب إليه ابن حزم هو الأرجح؛ لظاهر النصّ، فتأمله بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى أعلم.
قال وليّ الدين: وما ذكره ابن حزم من وجوب ذلك عقب التشهد الأول لم يوافقه عليه أحد، ثم إنه تردّه الرواية التي تقدّم ذِكرها من عند مسلم التي فيها تقييد التشهد بالأخير، فوجب حَمْل المطلق على المقيد، لا سيما والحديث واحد، مداره على أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
وقد أورد ابن حزم هذه الرواية على نفسه، وقال: فهذا خبر واحد، وزيادة الوليد بن مسلم زيادة عدل، فهي مقبولة، فإنما يجب ذلك في التشهد الأخير فقط، ثم أجاب عنه بقوله: لو لم يكن إلا حديث محمد بن أبي عائشة وحده، لكان ما ذكرتُ، لكتهما حديثان، كما أوردنا أحدهما من طريق أبي سلمة، والثاني من طريق محمد بن أبي عائشة، وإنما زاد الوليد على وكيع بن الجراح، وبقي خبر أبي سلمة على عمومه فيما يقع عليه اسم تشهد. انتهى.
قال وليّ الدين: وهو مردود لأن محمد بن أبي عائشة وأبا سلمة كلاهما يرويه عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، فهو حديث واحد لا حديثان، ثم إن سُنَّة الجلوس الأول التخفيف فيه عند الأئمة الأربعة، وغيرهم، وفي سنن أبي داود، والترمذيّ، والنسائيّ عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان في الركعتين