للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأصل فيه: الْغَرَام، وهو الشرّ الدائم، والعذاب (١).

زاد في رواية أخرى لمسلم تقدّمت في "المساجد": "قالت: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول اللَّه؟ فقال: إن الرجل إذا غَرِم حدّث، فكَذَب، ووَعَد، فأخلف"، وبيّن في رواية النسائيّ أن السائلة هي عائشة نفسها، واللَّه تعالى أعلم.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا متّفقٌ عليه، وقد تقدّم للمصنّف في "كتاب المساجد" برقم [٢٥/ ١٣٢٦] (٥٨٧) واستوفيت شرحه، وبيان مسائله، هناك، لكنيّ نسيت ذِكر هذه الرواية هناك، وهذا غريب، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

ثم وجدت فوائد لم أذكرها هناك، وهي مما جمعه الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كتابه الممتع "طرح التثريب شرح التقريب"، فأحببت إيرادها هنا؛ تتميمًا للفوائد، وتكميلًا للعوائد:

١ - (منها): فائدة استعاذة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذه الأمور مع أنه مُعاذ منها قطعًا إظهار الخضوع، والاستكانة، والعبودية، والافتقار، وليقتدي به غيره في ذلك، ويَشْرَع لأمته.

٢ - (ومنها): أنه لم يُبَيِّن في هذه الرواية المحلّ الذي كان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يأتي فيه بهذه الاستعاذة، وفي "الصحيحين" من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-؛ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يدعو بذلك في صلاته (٢)، وفي "صحيح مسلم" وغيره من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الأمر بذلك بعد الفراغ من التشهد، وفي رواية له تقييد ذلك بالأخير، ففيه استحباب الإتيان بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير، وقد صرح بذلك العلماء من أصحابنا -أي: الشافعيّة- وغيرهم، وزاد ابن حزم الظاهريّ على ذلك، فقال بوجوبه، ولم يخص ذلك بالتشهد الأخير، فقال: ويلزمه فرضًا أن يقول إذا فرغ من التشهد في كلتا الجلستين: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك. . . " فذكرها، قال: وقد رُوي عن طاوس أنه صلى ابنه بحضرته، فقال له: ذكرت هذه الكلمات؟ قال:


(١) "عمدة القاري" ٦/ ١١٧.
(٢) تقدّم في مسلم في "كتاب المساجد" برقم [٢٥/ ١٣٢٨] (٥٨٩).