للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المبردات؛ ترقيًا عن الماء إلى أبرد منه، وهو الثلج، إلى أبرد منه، وهو البَرَد، بدليل جموده (١).

وقوله: (وَبَاعِدْ)؛ أي: أَبْعِد، وعَبَّر يالمفاعلة مبالغةً، (بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ) كرَّر "بين" هنا دون ما بعده؛ لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض، وجوبًا، خلافًا لابن مالك، كما قال في: "الخلاصة":

وَعَوْدُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى … ضَمِيرِ خَفْضٍ لَازِمًا قَدْ جُعِلا

وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا إِذْ قَدْ أَتَى … فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحِيحِ مُثْبَتَا

أي: ذنوبي، والْخِطْءُ بالكسر: الذنب.

(كَمَا بَاعَدْتَ)؛ أي: كتبعيدك (بَيْنَ الْمَشْرِقِ) موضع الشروق، وهو مطلع الأنوار، (وَالْمَغْرِبِ)؛ أي: محل الأفول، وهذا مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة، إنما هي في الزمان والمكان؛ أي: امحُ ما حَصَل من ذنوبي، وحُلْ بيني وبين ما يُخاف من وقوعها، حتى لا يبقى لها اقتراب مني بالكلية، فـ "ما" مصدرية، والكاف للتشبيه، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مُحال، فشبّه بُعْد الذنب عنه بُبعد ما بينهما، والثلاثة إشارة لِمَا يقع في الأزمنة الثلاثة، فالمباعدة للمستقبل، والتنقية للحال، والغسل للماضي، والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- معصوم، وإنما قصد تعليم الأمة، أو إظهار العبودية، قاله المناويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ) هو عدم انبعاث النفس بالخير، وقلة الرغبة فيه مع إمكانه، (وَالْهَرَمِ) -بفتحتين- هو الرد إلى أرذل العمر؛ لِمَا فيه من اختلال العقل، والحواسّ، والضبط، والفهم، وتشويه بعض المنظر، والعجز عن كثير من الطاعات، والتساهل في بعضها (٣). (وَالْمَأْثَمِ)؛ أي: مما يأثم به الإنسان، أو ما فيه إثم، أو ما يوجب الإثم، أو الإثم نفسه وضعًا للمصدر موضع الاسم، (وَالْمَغْرَمِ")؛ أي: الدَّين، يقال: غَرِم الرجل بالكسر: إذا ادّان: وقيل: الْغُرْم والمغرم: ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر بغير جناية منه، وكذلك ما يلزمه أداؤه، ومنه الغرامة، والغريم: الذي عليه الدَّين،


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٢٣.
(٢) فيض القدير" ٢/ ١٢٨.
(٣) "الديباج على مسلم" ٦/ ٦٢.