وهو غَلَطٌ، وإنما هي كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرائي، ومعناه: أنه رؤية مُزاجٌ عنها الشكّ، مثل رؤيتكم القمر.
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة رحمه الله: في عطف الشمس على القمر مع أن تحصيل الرؤية بذكره كاف؛ لأن القمر لا يُدْرِك وصفه الأعمى حسًّا، بل تقليدًا، والشمس يدركها الأعمى حسًّا بوجود حرها إذا قابلها وقت الظهيرة مثلًا، فحسن التأكيد بها، قال: والتمثيل واقعٌ في تحقيق الرؤية لا في الكيفية؛ لأن الشمس والقمر مُتَحَيِّزان، والحق سبحانه وتعالى منزه عن ذلك.
وقال الحافظ: وليس في عطف الشمس على القمر إبطال لقول من قال في شرح حديث جرير: الحكمة في التمثيل بالقمر أنه تتيسر رؤيته للرائي بغير تكلّف، ولا تحديق يَضُرّ بالبصر، بخلاف الشمس، فإنها حكمة الاقتصار عليه، ولا يَمنع ذلك ورود ذكر الشمس بعده في وقت آخر، فإن ثبت أن المجلس واحد خَدَشَ في ذلك.
ووقع في رواية العلاء بن عبد الرحمن:"لا تمارون في رؤيته تلك الساعة، ثم يَتَوَارَى".
وقد اعترض ابن العربيّ على رواية العلاء، وأنكر هذه الزيادة، وزعم أن المراجعة الواقعة في حديث الباب تكون بين الناس وبين الواسطة؛ لأنه لا يُكَلِّم الكفار، ولا يرونه ألبتة، وأما المؤمنون فلا يرونه إلا بعد دخول الجنة بالإجماع. انتهى.
(يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال في "الفتح": في رواية شعيب: "يَحْشُر"، وهو بمعنى: الجمع، وقوله في رواية شعيب:"في مكان" زاد في رواية العلاء: "في صعيد واحد"، ومثله في رواية أبي زرعة، عن أبي هريرة بلفظ:"يَجمَع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيُسمعهم الداعي، ويَنْفذهم البصر".
قال النوويّ: الصعيد الأرض الواسعة المستوية، و"يَنفُذهم" بفتح أوله، وسكون الفاء، بعدها ذال معجمة: أي يَخْرِقهم بمعجمة وقاف حتى يجوزهم، وقيل: بالدال المهملة: أي يستوعبهم، قال أبو عبيدة: معناه: ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم، وقال غيره: المراد بصر الناظرين، وهو أولى.