للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تنبيهًا على عِظَم شرفها، وخلوّها عن كل نقص؛ إذ لا شيء إلا وهو تابع لها، يُعْرَف بها، فالوجود كله بها ظهر، وعنها وُجد. انتهى.

وقال عياض: قيل: التامات: الكاملة التي لا يدخلها عيب، ولا نقص، كما يدخل كلام الناس، وقيل: هي النافعة الشافية.

وقال التوربشتيّ: الكلمة لغةً تقع على جزء من الكلام، اسمًا، أو فعلًا، أو حرفًا، وعلى الألفاظ المنطوقة، وعلى المعاني المجموعة، والكلمات هنا محمولة على أسماء اللَّه الحسنى، وكُتبه المنزلة؛ لأن المستفاد من الكلمات إنما يصح، ويستقيم أن يكون منها، ووصفها بالتمام؛ لخلوها عن العوائق، والعوارض، فإن الناس متفاوتون في كلامهم، واللهجة، وأساليب القول، فما منهم من أحد إلا وقابله آخر في معناه، أو في معان كثيرة، ثم إن أحدهم قلّما يَسْلَم من معارضة، أو خطأ، أو سهو، أو عَجْز عن المعنى المراد، وأعظم النقائص المقترنة بها أنها كلمات مخلوقة، تكلم بها مخلوق، مفتقر إلى أدوات، ومخارج، وهذه نقيصة، لا ينفك عنها كلام مخلوق، وكلمات اللَّه متعالية عن هذه القوادح، فهي التي لا يتبعها نقص، ولا يعتريها اختلال. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أعوذ بكلمات اللَّه التامات. . . إلخ": قيل: معناه: الكاملات اللاتي لا يلحقها نقص، ولا عيب، كما يلحق كلام البشر. وقيل: معناه: الشافية الكافية. وقيل: الكلمات -هنا- هي: القرآن، فإنَّ اللَّه تعالى قد أخبر عنه بأنه هدى وشفاء، وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى، ولمّا كان ذلك استعاذة بصفات اللَّه تعالى، والتجاء إليه، كان ذلك من باب المندوب إليه، المرغَّب فيه. وعلى هذا فحقّ المتعوِّذ باللَّه تعالى، وبأسمائه وصفاته أن يَصْدُق اللَّه في التجائه إليه، ويتوكل في ذلك عليه، ويُحضر ذلك في قلبه، فمتى فعل ذلك، وصل إلى منتهى طلبه، ومغفرة ذنبه. انتهى (٢).

(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) متعلّق بـ "أعوذ"، وعبّر بـ "ما" للتعميم.


(١) "شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ٤/ ٤٩٩.
(٢) "المفهم" ٧/ ٣٦.