(لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ) من المخلوقات (حَتَّى يَرْتَحِلَ)؛ أي: يذهب (مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ") قال الزرقانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وشَرْط نفع ذلك: الحضورُ والنيةُ، وهي استحضار أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشده إلى التحصن به، وأنه الصادق المصدوق، فلو قاله أحدٌ، واتفق أنه ضرّه شيء، فلأنه لم يقله بنئة وقوّة يقين، وليس ذلك خاصًّا بمنازل السفر، بل عامّ في كل موضع جَلَس فيه، أو نام، وكذلك لو قالها عند خروجه للسفر، أو عند نزوله للقتال الجائزة، قاله الأبيّ.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "لا يضرّه شيء" هذا خبر صحيح، وقولٌ صادق، علمنا صِدْقه دليلًا وتجربة، فإني منذ سمعت هذا الخبر عَمِلت عليه، فلم يضرّني شيء إلى أن تركته، فلدغتي عقرب بالمهدية ليلًا، فتفكرت في نفسي، فإذا بي قد نسيت أن أتعوّذ بتلك الكلمات، فقلت لنفسي -ذامًّا لها، ومُوبّخًا- ما قاله -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجل الملدوغ: أما إنكِ لو قلتِ حين أمسيتِ: أعوذ بكلمات اللَّه التامات من شرّ ما خلق لم تضركِ. انتهى (١).
وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه يقرأ مع الحديث المذكور:{رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ}[المؤمنون: ٢٩]، و {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} الآية [الإسراء: ٨٠]، وأن ذلك حَسَنٌ عند الإشراف على المنزل، وأن اللَّه تعالى قاله لنوح؛ حين نزل من السفينة، واللَّه تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث خولدة بنت حكيم -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
[تنبيه]: قال الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "التمهيد": هذا الحديث رواه عن يعقوب بن الأشج جماعة ثقات، منهم: الحارث بن يعقوب، وابن عجلان، واختلفا عليه في إسناده، ثم أخرج بسنده إلى قتيبة بن سعيد، حدّثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحارث بن يعقوب، عن يعقوب بن عبد اللَّه، عن بُسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حكيم السُّلمية أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال. . . الحديث.