للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منصوبان على المفعول له، على طريق اللفّ والنشر؛ أي: فوضت أموري إليك رغبةً، وألجأت ظهري إليك رهبةً، انتهى.

(آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ) يَحْتَمِل أن يريد به القرآن، ويَحْتَمِل أن يريد اسم الجنس، فيشمل كل كتاب أُنزل، قاله في "الفتح" (١).

وقال في "العمدة": قوله: "آمنت بكتابك"؛ أي: صدّقت أنه كتابك، وقوله: "الذي أنزلت" صفته، وضمير المفعول محذوف، والمراد بالكتاب: القرآن، وإنما خَصّص الكتاب بالصفة؛ لتناوله جميع الكتب المنزلة.

[فإن قيل]: أين العموم ههنا، حتى يجيء التخصيص؟.

[قلت]: المفرد المضاف يفيد العموم؛ لأن المعرَّف بالإضافة كالمعرَّف باللام، يَحْتَمِل الجنس، والاستغراق، والعهد، فلفظ الكتاب المضاف هنا يَحْتَمِل أن يكون لجميع الكتب، ولجنس الكتب، ولبعضها؛ كالقرآن، وقالوا: جميع المعارف كذلك، وقد قال الزمخشريّ في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: ٦] في أول البقرة: يجوز أن يكون للعهد، وأن يراد بهم ناس بأعيانهم؛ كأبي جهل، وأبي لهب، والوليد بن المغيرة، وأضرابهم، وأن يكون للجنس، متناولًا منهم كل من صَمَّم على كفره. انتهى.

قال العينيّ: التحقيق أن الجمع المعرَّف تعريفَ الجنس معناه جماعة الآحاد، وهي أعمّ من أن يكون جميع الآحاد، أو بعضها، فهو إذا أطلق احتَمَل العموم، والاستغراق، واحتَمَل الخصوص، والحملُ على واحد منهما يَتوقف على القرينة، كما في المشترك، هذا ما ذهب إليه الزمخشريّ، وصاحب "المفتاح"، ومَن تبعهما، وهو خلاف ما ذهب إليه أئمة الأصول. انتهى (٢).

(وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ) وقع في رواية أبي زيد المروزيّ: "أرسلته"، و"أنزلته" في الأول بزيادة الضمير فيهما، والرسول نبيّ له كتاب، فهو أخصّ من النبيّ، وقال النوويّ: يلزم من الرسالة النبوة، لا العكس. انتهى (٣).

(وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ) وفي رواية للبخاريّ: "واجعلهنّ آخر ما تكلّم


(١) "الفتح" ١٤/ ٣٠٢.
(٢) "عمدة القاري" ٢٢/ ٢٨٩.
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٢٨٣.