فيقول: آمنتُ بك، وبكتابك، وبرسولك، وصلّيت، وصمت، فيقول: ألا نبعث عليك شاهدًا؟، فيُخْتَم على فيه، وتنطق جوارحه، وذلك المنافق، ثم ينادي منادٍ: ألا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد".
(وَيَتَّبعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ) "الطواغيت": جمع طاغوت، وهو الشيطان، والصنم، ويكون جمعًا ومفردًا ومذكَّرًا ومؤنثًا، قاله في "الفتح".
وقال القرطبيّ: "الطواغيت": جمع طاغوت، وهو الكاهن، والشيطان، وكلُّ رأس في الضلال، والمراد به في الحديث: الأصنام، ويكون واحدًا، كقوله تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}[النساء: ٦٠]، وقد يكون جمعًا كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} الآية [البقرة: ٢٥٧]، وطاغوت وإن جاء على وزن لاهوت، فهو مقلوب؛ لأنه من طَغَى، ولاهوت غير مقلوب؛ لأنه من لاه، بمنزلة الرغبوت والرهبوت والرحموت، قاله في "الصحاح" (١).
وقال الطبريّ رحمه الله: الصواب عندي أن الطاغوت كلُّ طاغ طَغَى على الله، يُعبَد من دونه، إما بقهر منه لمن عَبَد، وإما بطاعة ممن عَبَد إنسانًا كان أو شيطانًا أو حيوانًا أو جمادًا، قال: فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم.
ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى النار قهرًا، ووقع في حديث أبي سعيد عند البخاريّ في "التوحيد": "فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب كلِّ الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم".
وفيه إشارة إلى أن كلَّ من كان يعبد الشيطان ونحوه، ممن يَرْضَى بذلك، أو الجماد والحيوان، داخلون في ذلك، وأما من كان يَعْبُد من لا يَرْضَى بذلك، كالملائكة والمسيح فلا.
لكن وقع في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: "فيتمثل لهم ما كانوا يعبدون، فينطلقون"، وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن: "فيتمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره"، فأفادت هذه الزيادة تعميم من كان يعبد