غير الله إلا من سيُذْكَر من اليهود والنصارى، فإنه يخص من عموم ذلك بدليله الآتي ذكره بالتمثيل، فقال ابن العربيّ: يحتمل أن يكون التمثيل تلبيسًا عليهم، ويحتمل أن يكون التمثيل لمن لا يستحق التعذيب، وأما مَن سواهم فيحضرون حقيقةً؛ لقوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء: ٩٨].
(وَتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ) قال ابن أبي جمرة رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يُحْمَل على أعم من ذلك، فيدخل فيه جميع أهل التوحيد حتى من الجن، ويدلّ عليه ما في بقية الحديث:"إنه يبقى من كان يعبد الله من بَرّ وفاجر".
قال الحافظ: ويؤخذ أيضًا من قوله في بقية الحديث: "فأكون أولّ من يُجيز"، فإن فيه إشارةً إلى أن الأنبياء بعده يُجِيزون أممهم.
(فِيهَا مُنَافِقُوهَا) قال في "الفتح": كذا للأكثر، وفي رواية إبراهيم بن سعد:"فيها شافعوها"، أو "منافقوها"، شك إبراهيم، والأول المعتمد، وزاد في حديث أبي سعيد الآتي:"حتى يبقى مَن كان يعبد الله من بَرّ وفاجر وغُبَّرات أهل الكتاب" بضم الغين المعجمة، وتشديد الموحدة، وفي رواية مسلم:"وغُبَّر" وكلاهما جمع غابر، أو "الغُبَّرات" جمع "غُبَّر"، وهو جمع غابر، ويجمع أيضًا على أغبار، وغُبَّرُ الشيء: بَقِيَّته، وجاء بسكون الموحدة، والمراد هنا: من كان يوحّد الله منهم، وصَحّفه بعضهم في مسلم بالتحتانية بلفظ التي بالاستثناء، وجَزَم عياض وغيره بأنه وَهَمٌ.
قال ابن أبي جمرة رحمه الله: لم يذكر في الخبر مآل المذكورين، لكن لما كان من المعلوم أن استقرار الطواغيت في النار عُلِم بذلك أنهم معهم في النار، كما قال تعالى:{فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}[هود: ٩٨].
ووقع في رواية سهيل:"فتتبع الشياطينَ والصليبَ أولياؤهم إلى جهنم"، ووقع في حديث أبي سعيد من الزيادة:"ثم يُؤتَى بجهنم كأنها سَرَابٌ" بمهملة، ثم موحدة، فيقال لليهود:"ما كنتم تعبدون … " الحديث، وفيه ذكر النصارى، وفيه:"فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى مَن كان يعبد الله من بَرّ أو فاجر".
وفي رواية هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم عند ابن خزيمة، وابن منده،