للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصله في مسلم: "فلا يبقى أحدٌ كان يعبد صنمًا، ولا وثنًا، ولا صورةً إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار"، وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن: "فيُطْرَح منهم فيها فوج، ويقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ … " الحديث.

وكان اليهود، وكذا النصارى، ممن كان لا يعبد الصلبان لَمّا كانوا يَدَّعون أنهم يعبدون الله تعالى تأخروا مع المسلمين، فلما حَقَّقوا على عبادة مَن ذُكِر من الأنبياء أُلحقوا بأصحاب الأوثان، ويؤيده قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: ٦] الآية.

فأما من كان متمسكًا بدينه الأصليّ، فخرج بمفهوم قوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا}، وعلى ما ذُكر من حديث أبي سعيد: يبقى أيضًا مَن كان يُظهر الإيمان من مُخْلِص ومنافق. انتهى (١).

(فَيَأْتِيهِمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) وفي رواية البخاريّ: "فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون"، وفي حديث أبي سعيد الآتي بعده: "أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها"، عند البخاريّ: "في صورته التي رأوه فيها أول مرة"، وفي رواية هشام بن سعد: "ثم يتبدى لنا الله في صورته التي رأيناه فيها أول مرة".

قال في "الفتح": وأما نسبة الإتيان إلى الله تعالى، فقيل: هو عبارة عن رؤيتهم إياه؛ لأن العادة أن كل مَن غاب عن غيره، لا يمكن رؤيته إلا بالمجيء إليه، فعَبَّر عن الرؤية بالإتيان مجازًا، وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به، مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات الحدوث.

قال الجامع عفا الله عنه: القول الثاني هو الحقّ، وأما الأول فهو المذهب الذي يسلكه أهل التأويل من الأشاعرة وغيرهم الذي يؤوّلون الصفات، ويُحيلونها عن ظواهرها وحقائقها، ويحملونها على المجاز، وهو مذهب باطلٌ.

فالحقّ أن صفة الإتيان والمجيء دلّ عليها الكتاب والسنة، كهذا الحديث، وكقوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ


(١) "الفتح" ١١/ ٤٥٧ "كتاب الرقاق" رقم (٦٥٧٤).