قيل: وفي الاستدلال بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى مطلقًا نظر، وخصوصًا إبدال الرسول بالنبيّ وعكسه إذا وقع في الرواية؛ لأن الذات المحدَّث عنها واحدة، فالمراد يُفهم بأيّ صفة وُصِف بها الموصوف، إذا ثبتت الصفة له، وهذا بُناءً على أن السبب في منع الرواية بالمعنى أن الذي يستجيز ذلك قد يَظُنّ يوفي بمعنى اللفظ الآخر، ولا يكون كذلك في نفس الأمر، كما عُهد في كثير من الأحاديث، فالاحتياط الإتيان باللفظ، فعلى هذا إذا تحقق بالقطع أن المعنى فيهما متّحد لم يضرّ، بخلاف ما إذا اقتصر على الظنّ، ولو كان غالبًا.
وأَولى ما قيل في الحكمة في ردّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على من قال "الرسول" بدل "النبيّ": أن ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص، وأسرار، لا يدخلها القياس، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازريّ (١)، قال: فيُقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات، فيتعيّن أداؤها بحروفها.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن أحسن ما قيل في حكمة النهي عن إبدال النبيّ بالرسول في هذا الحديث كون ألفاظ الأذكار توقيفيّة، كما قال المازريّ، فتجب المحافظة على اللفظ الوارد فيها، ولو ظُنّ أن ما يرادفها من الألفاظ يؤدي معناها؛ لأن التعبّد وقع على لفظها، كما وقع على معناها، فالواجب الوقوف على التعليم النبويّ، واللَّه تعالى أعلم.
٦ - (ومنها): ما قال النوويّ - رَحِمَهُ اللَّهُ-: في الحديث ثلاث سنن:
إحداها: الوضوء عند النوم، وإن كان متوضًا كفاه؛ لأن المقصود النوم على طهارة.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لكن ظاهر إطلاق الحديث يعمّ من كان متوضّئًا، وهو الأَولى، واللَّه تعالى أعلم.