(فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ) وفي رواية البخاريّ: "فلينفض فراشه بداخلة إزاره"، قال في "الفتح": كذا للأكثر، وفي رواية أبي زيد المروزيّ:"بداخل" بلا هاء، ووقع في رواية مالك عند البخاريّ في "التوحيد": "بصَنِفة ثوبه"، وكذا للطبرانيّ من وجه آخر، وهي بفتح الصاد المهملة، وكسر النون، بعدها فاء: هي الحاشية التي تلي الجلد، والمراد بالداخلة: طرف الإزار الذي يلي الجسد، قال مالك: داخلة الإزار: ما يلي داخل الجسد منه. ووقع في رواية عبدة بن سليمان، عن عبيد اللَّه بن عمر:"فليحلّ داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه"، وفي رواية يحيى القطان:"فلينزع".
وقال عياض: داخلة الإزار في هذا الحديث: طرفه، وداخلة الإزار في حديث الذي أصيب بالعين: ما يليها من الجسد، وقيل: كنى بها عن الذّكَر، وقيل: عن الوَرِك، وحَكَى بعضهم أنه على ظاهره، وأنه أمر بغسل طرف ثوبه، والأول هو الصواب.
وقال القرطبيّ: حكمة هذا النفض قد ذُكرت في الحديث، وأما اختصاص النفض بداخلة الإزار، فلم يظهر لنا، ويقع لي أن في ذلك خاصيّة طبيّة، تمنع من قُرب بعض الحيوانات، كما أمر بذلك العائن، ويؤيده ما وقع في بعض طرقه:"فلينفض بها ثلاثًا"، فحذا بها حذو الرُّقَى في التكرير. انتهى.
وقد أبدى غيره حكمة ذلك، وأشار الداوديّ فيما نقله ابن التين إلى أن الحكمة في ذلك أن الإزار يُستر بالثياب، فيتوارى بما يناله من الوسخ، فلو نال ذلك بكمّه صار غير لدن الثوب (١)، واللَّه يحب إذا عمل العبد عملًا أن يُحْسنه.
وقال صاحب "النهاية": إنما أمر بداخلته دون خارجته؛ لأن المؤتزر يأخذ طرفي إزاره بيمينه وشماله، ويُلصق ما بشماله، وهو الطرف الداخلي على جسده، ويضع ما بيمينه فوق الأخرى، فمتى عاجله أمر، أو خشي سقوط إزاره أمسكه بشماله، ودفع عن نفسه بيمينه، فإذا صار إلى فراشه، فحَل إزاره، فإنه يَحُلّ بيمينه خارج الإزار، وتبقى الداخلة معلّقة، وبها يقع النفض.
(١) هذه العبارة غير واضحة، فليُنظر، واللَّه تعالى أعلم.