للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال البيضاويّ: إنما أمر بالنفض بها؛ لأن الذي يريد النوم يحل بيمينه خارج الإزار، وتبقى الداخلة معلقة، فينفض بها.

وأشار الكرمانيّ إلى أن الحكمة فيه أن تكون يده حين النفض مستورة؛ لئلا يكون هناك شيء، فيحصل في يده ما يكره. انتهى، قال الحافظ: وهي حكمة النفض بطرف الثوب دون اليد، لا خصوص الداخلة. انتهى (١).

وقال القاري: قيل: النفض بإزاره؛ لأن الغالب في العرب أنه لم يكن لهم ثوب غير ما هو عليهم، من إزار، ورداء، وقيّد بداخل الأزار؛ ليبقى الخارج نظيفًا، ولأن هذا أيسر، ولكشف العورة أقلّ وأستر، وإنما قال هذا؛ لأن رسم العرب ترك الفراش في موضعه ليلًا ونهارًا، ولذا علّله، وقال: "فإنه لا يدري ما خَلَفه".

وقال النوويّ: معناه: أنه يستحب أن ينفضى فراشه قبل أن يدخل فيه؛ لئلا يكون قد دخل فيه حية، أو عقرب، أو غيرهما من المؤذيات، وهو لا يشعر، ولينفض، ويده مستورة بطرف إزاره؛ لئلا يحصل في يده مكروه، إن كان شيء هناك. انتهى (٢).

(فَلْيَنْفُضْ) بضمّ الفاء، من باب نصر، من النفض بالنون، والفاء، والضاد المعجمة، وهو تحريك الشيء ليسقط، ويزول ما عليه من غبار، ونحوه (٣).

(بِهَا فِرَاشَهُ) قبل أن يدخل إليه، وفي رواية ابن ماجه: "فلينزع داخلة إزاره، ثم لينفض بها فراشه"، وللبخاريّ في "الأدب المفرد": "فليحل".

(وَلْيُسَمِّ اللَّهَ)؛ أي: ليذكر اسم اللَّه تعالى عند نفض الفراش، (فَإِنَّهُ) الفاء للتعليل؛ أي: وإنما أُمر بهذا لأنه (لَا يَعْلَمُ) وفي رواية البخاريّ: "فإنه لا يدري ما خَلَفه عليه"، (مَا خَلَفَهُ) بتخفيف اللام؛ أي: حدث (بَعْدَهُ)؛ أي: بعد مفارقته له، (عَلَى فِرَاشِهِ)؛ أي: ما صار بعده خَلَفًا، وبدلًا عنه إذا غاب، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "ما خلفه" نقلًا عن "الفائق" للزمخشريّ: "ما" مبتدأ، و"يدري" معلّق عنه؛ لتضمّنه معنى الاستفهام، وقال المظهر: "خلفه"؛ أي: قام مقامه بعده على الفراش؛ يعني: لا يدري ما وقع في فراشه بعدما خرج هو


(١) "الفتح" ١٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦، "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٢٠).
(٢) "تحفة الأحوذيّ" ٩/ ٢٤٤.
(٣) "مرعاة المفاتيح" ٨/ ٢٤٥.