للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويمكن أن يُنَزَّل هذا على معنى قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (١١)} [محمد: ١١]، فالمعنى أنا نحمد اللَّه على أن عَرّفنا نعمه، ووفّقنا لأداء شكرها، فكم من مُنعَم عليه لا يعرفون ذلك، ولا يَشكرون، وكذلك اللَّه مولى الخلق كلهم بمعنى: أنه ربهم، ومالكهم، لكنه ناصر للمؤمنين، ومحب لهم، فالفاء في "فكم" لتعليل الحمد. انتهى (١).

وقال عصام الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فكم ممن لا كافي له" من قبيل قوله تعالى: {لَا مَوْلَى لَهُمْ} مع أن اللَّه تعالى مولى كل أحد؛ أي: لا يعرفون مولى لهم، فـ "كم" لم يتفرع على "كفانا"، بل على معرفة الكافي التي يستفاد من الاعتراف، وإنما حمد اللَّه تعالى على الطعام، والسقي، وكفاية المهمات في وقت الاضطجاع؛ لأن النوم فرع الشِّبَع والريّ، وفراغ الخاطر عن المهمات، والأمن من الشرور.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى "آوانا" هنا: رحمنا، فقوله: "فكم ممن لا مؤوي له"؛ أي: لا راحم، وعاطف عليه. انتهى (٢).

وقال المناويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "كان إذا أوى إلى فراشه"؛ أي: دخل فيه، قال القاضي: أوى جاء لازمًا، ومتعديًا، لكن الأكثر في المتعدي المدّ، قال: "الحمد للَّه الذي أطعمنا، وسقانا، وكفانا"؛ أي: دفع عنا شرّ خلقه، وآوانا في مسكن نسكن فيه، يقينا الحرّ والبرد، ونَحرز فيه متاعنا، ونحجب به عيالنا، "فكم ممن لا كافي له، ولا مؤوي" له؛ أي: كثير من خلق اللَّه لا يكفيهم اللَّه شر الأشرار، ولا يجعل لهم مسكنًا، بل تركهم يتأذون في الصحاري بالبرد والحر، وقيل: معناه: كم من مُنعَم عليه لم يَعرف قدر نعمة اللَّه، فكفَر بها. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنف.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٧/ ٦٨٧٠] (٢٧١٥)، و (البخاريّ) في "الأدب


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٨٧٥.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٥/ ٢٩٨.
(٣) "فيض القدير" ٥/ ١١١.