للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المنافقون للذين آمنوا: انظرونا نقتبس من نوركم … الآية، فيرجعون إلى المكان الذي قُسِم فيه النور، فلا يجدون شيئًا، فيُضْرَب بينهم بسور" (١).

(فَيَقُولُ) الله سبحانه وتعالى امتحانًا (أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) أي لأنك لست بربّنا الذي كنا نعبده، ونوحّده، وننزه عن سمات المخلوقين (هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ) بالعلامات التي عرّفنا بها نفسه (فَيَأْتِيهِمُ اللهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) تقدّم قريبًا أن الإتيان صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا تشبه إتيان المخلوقين، وكذلك الصورة صفة ثابتة له تعالى على الوجه اللائق به، ولا تسلك سبجل المعتدين، فتؤوّل مع المؤوّلين، وتحرّف الصفات عما هي عليه، هداني الله وإياك الصراط المستقيم. (فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا) سبحانك لا نحصي ثناء عليه، أنت كما أثنيت على نفسك.

(فَيَتَّبِعُونَهُ) أي يتبعون ربهم إلى حيث يأمرهم (وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ) ببناء الفعل للمفعول.

[تنبيه]: حُذِف من هذا السياق ما سيأتي من حديث أنس - رضي الله عنه - في ذكر الشفاعة لفصل القضاء، كما حُذِف من حديث أنس ما ثبت هنا من الأمور التي تقع في الموقف، فينتظم من الحديثين أنهم إذا حُشِروا وقع ما في حديث الباب من تساقط الكفار في النار، ويبقى مَن عداهم في كرب الموقف، فيستشفعون، فيقع الإذن بنصب الصراط، فيقع الامتحان بالسجود؛ ليتميّز المنافق من المؤمن، ثم يَجُوزون على الصراط، ووقع في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - هنا: "ثم يُضْرَب الجسرُ على جهنم، وتَحِلُّ الشفاعة، ويقولون: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ"، أفاده في "الفتح" (٢).

(بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ) بفتح الظاء، وسكون الهاء: أي يمدّ الصراط عليها، و"الصراط" في اللغة: هو الطريق، وفيه لغاتٌ: الصاد، والسين، والزاي، وهو هنا: الطريق من أرض المحشر إلى الجنّة، وهو منصوبٌ على متن جهنّم، أدقّ


(١) "الفتح" ١١/ ٤٥٨ - ٤٦٠ "كتاب الرقاق" (٦٥٧٤).
(٢) ١١/ ٤٦٠.