للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شَمّاس، أو ابن عمّ له، فكاتَبَته على نفسها، فأتت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تستعينه على كتابتها، فقالت: يا رسول اللَّه! أنا جويرية بنت الحارث سيّد قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يَخْفَ عليك، فوقعتُ في السهم لثابت بن قيس، أو لابن عمّ له، فكاتَبْته على نفسي، وجئتك أستعينك، فقال لها: "هل لك في خير من ذلك؟ " قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ قال: "أقضي كتابتك، وأتزوجك"، قالت: نعم، قال: "قد فعلتُ"، فبلغ الناس أنه قد تزوجها، فقالوا: أصهار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلِق، فلقد أعتق اللَّه بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: فما أعلم امرأة أعظم بركة منها على قومها.

وأخرج ابن سعد في "الطبقات" عن أبي قلابة؛ أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سبى جويرية، فجاء أبوها، فقال: إن ابنتي لا يُسبى مثلها، فخلّ سبيلها، فقال: أرأيت إن خيَّرتها، أليس قد أحسنت؟ قال: بلى، فأتاها أبوها، فذكر لها ذلك، فقالت: قد اخترت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال الحافظ: هذا مرسل صحيح الإسناد، وماتت سنة خمسين على الصحيح، قال الخزرجيّ: لها أحاديث انفرد البخاريّ بحديثين، ومسلم بمثلهما. انتهى (١).

[تنبيه]: كون جُويرية بنت الحارث الخزاعيّة هي أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها- هو الصواب، وقد أخطأ ابن حيَّان حيث قال في "صحيحه" بعد إخراج الحديث ما نصّه: جويرية هي بنت الحارث بن عبد المطّلب عمّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى.

وقد ردّ ذلك عليه العلماء، فقالوا: هذا خطأ من ابن حيَّان، والصواب أنها جويرية بنت الحارث الخزاعيّة المصطلِقيّة، أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، فراجع "الإصابة" (٢) وغيرها، واللَّه تعالى أعلم.

(أَنَّ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً) بضمّ الموحّدة، وسكون الكاف: أول النهار، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: البُكْرة من الغداة: جمعها بُكَر، مثلُ غُرْفة


(١) "مرعاة المفاتيح" ٧/ ٩١٥.
(٢) "الإصابة في تمييز الصحابة" ٧/ ٥٧٠ - ٥٧١.