للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ) إشارة إلى حين الجواز على الصراط، وإلا ففي وقت آخر تُجادل كلّ نفس عن نفسها.

(إِلَّا الرُّسُلُ) معناه لشدّة الأهوال، والمراد: لا يتكلّم في حال الإجازة، وإلا ففي يوم القيامة مواطن يتكلّم الناس فيها، وتُجادل كلّ نفس عن نفسها، ويسأل بعضهم بعضًا، ويتلاومون، ويُخاصم التابعون المتبوعين، والله أعلم (١).

(وَدَعْوَى الرُّسُلِ) ولفظ البخاريّ: "ودعاء الرسل" (يَوْمَئِذ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) هذا من كمال شفقتهم ورحمتهم للخلق، وفيه أن الدعوات تكون بحسب المواطن، فيُدعى في كل موطن بما يليق به (٢).

وفي رواية للبخاريّ: "ولا يتكلم يومئذ أحدٌ إلا الرسل"، وفي رواية: "ولا يكلمه إلا الأنبياء"، ووقع في رواية العلاء: "وقولهم: اللهم سلم سلم"، وللترمذي من حديث المغيرة: "شعار المؤمنين على الصراط: رَبِّ سَلِّم سَلِّم"، والضمير في الأول للرسل، ولا يلزم من كون هذا الكلام شعار المؤمنين أن ينطقوا به، بل تنطق به الرسل، يدعون للمؤمنين بالسلامة، فسُمِّي ذلك شعارا لهم، فبهذا تجتمع الأخبار، ويؤيده قوله في رواية سهيل: "فعند ذلك حَلَّت الشفاعة، اللهم سلم سلم".

وفي حديث أبي سعيد من الزيادة: "فيَمُرُّ المؤمن كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب"، وفي حديث حُذيفة وأبي هريرة معا: "فيمز أولهم كمَرّ البرق، ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، وشدّ الرحال، تجري بهم أعمالهم"، وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن: "ويوضع الصراط، فيمرّ عليه مثل جياد الخيل والركاب"، وفي حديث ابن مسعود: "ثم يقال لهم: انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمرّ كطرف العين، ثم كالبرق، ثم كالسحاب، ثم كانقضاض الكوكب، ثم كالريح، ثم كشدّ الفرس، ثم كشد الرحل، حتى يمر الرجل الذي أُعطي نوره على إبهام قدمه يَحْبُو على وجهه ويديه ورجليه، يجر بيد، ويعلَّق يدٌ، ويجر برجل، وُيعَلَّق رجلٌ، وتضرب جوانبه النار، حتى يخلُص"، وعند ابن أبي حاتم في "التفسير" من طريق أبي


(١) "شرح النوويّ" ٣/ ٢٠ - ٢١.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٢١.