للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزَّعْراء، عن ابن مسعود: "كمرّ البرق، ثم الريح، ثم الطير، ثم أجود الخيل، ثم أجود الإبل، ثم كعدو الرجل، حتى إن آخرهم رجلٌ نوره على موضع إبهامي قدميه، ثم يتكفأ به الصراط"، وعند هناد بن السريّ، عن ابن مسعود بعد الريح: "ثم كأسرع البهائم، حتى يمر الرجل سعيًا، ثم مشيًا، ثم آخرهم يَتَلَبّط على بطنه، فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ فيقول: أبطأ بك عملك"، ولابن المبارك من مرسل عبد الله بن شقيق: "فيجوز الرجل كالطرف، وكالسهم، وكالطائر السريع، وكالفرس الجواد المضمر، ويجوز الرجل يَعْدُو عَدْوًا، ويمشي مَشْيًا، حتى يكون آخر من ينجو يحبو" (١).

(وَفي جَهَنَّمَ كَلَالِيبُ) وفي رواية حذيفة وأبي هريرة معًا: "وفي حافتي الصراط كلاليب مُعَلَّقةٌ، مأمورة بأخذ من أُمرت به"، وفي رواية سُهيل: "وعليه كلاليب النار".

و"كَلاليب": جمع كَلُّوب بفتح الكاف، وضمّ اللام المشدّدة، وهي حديدة معطوفة الرأس، يُعلَّق فيها اللحم، وتُرسل في التنّور، قال صاحب "المطالع": هي خشبةٌ في رأسها عقافة حديد، وقد تكون حديدًا كلّها، ويقال لها أيضًا: كُلّاب (٢).

قال القاضي أبو بكر بن العربيّ: هذه الكلاليب هي الشهوات المشار إليها في الحديث الماضي: "حُفّت النار بالشهوات"، قال: فالشهوات موضوعة على جوانبها، فمن اقتحم الشهوة سقط في النار؛ لأنها خطاطيفها.

وفي حديث حُذيفة: "وتُرسل الأمانة والرحِمُ، فيقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالًا": أي يقفان في ناحيتي الصراط، وهي بفتح الجيم والنون، بعدها موحدة، ويجوز سكون النون، والمعنى: أن الأمانة والرحم؛ لعظم شأنهما، وفخامة ما يلزم العباد من رعاية حقهما، يوقفان هناك للأمين والخائن، والمواصل والقاطع، فيُحاجّان عن المحِقّ، ويشهدان على المبطل.

قالِ الطيبيّ: ويمكن أن يكون المراد بالأمانة ما في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ} الآية [الأحزاب: ٧٢]، وصلة الرحم


(١) "الفتح" ١١/ ٤٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ٣/ ٢١.