للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الليلة، وهذا يدلّ على شدّة تمسّك عليّ -رضي اللَّه عنه- بما أمره النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإن كان من المستحبّات، ففيه بيان فضل الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وقوّة إيمانهم، ومحبتهم للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

[تنبيه]: المراد بليلة صفين: الحرب التي كانت بين عليّ ومعاوية -رضي اللَّه عنهما- بصِفّين، وهي بلد معروف بين العراق والشام، وأقام الفريقان بها عدّة أشهر، وكانت بينهم وقعات كثيرة، لكن لم يقاتلوا في الليل إلا مرّة واحدة، وهي ليلة الْهَرِير بوزن عَظيم، سُمّيت بذلك؛ لكثرة ما كان الفرسان يهرّون فيها، وقُتل بين الفريقين تلك الليلة عدّة آلاف، وأصبحوا وقد أشرف عليّ وأصحابه على النصر، فرفع معاوية وأصحابه المصاحف، فكان ما كان من الاتفاق على التحكيم، وانصراف كل منهم إلى بلاده، واستفدنا من هذه الزيادة أن تحديث عليّ بذلك كان بعد وقعة صفين بمدة، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين، وخرج الخوارج على عليّ عقب التحكيم في أول سنة ثمان وثلاثين، وقَتَلهم بالنهروان، وكل ذلك مشهور مبسوط في تاريخ الطبريّ وغيره، قاله في "الفتح" (١).

وقوله: (وَفي حَدِيثِ عَطَاءٍ، عنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟) بيَّن به المبهم السابق بأنّ السائل هو عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال في "الفتح" بعد رواية عطاء هذه ما نصّه: وفي رواية جعفر الفريابيّ في "الذكر" من هذا الوجه: "قال عبد الرحمن: قلت: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين"، وكذا أخرجه مُطَيَّن في مسند عليّ من هذا الوجه، وأخرجه أيضًا من رواية زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، حدّثني هُبيرة، وهانئ بن هانئ، وعمارة بن عبد "أنهم سمعوا عليًّا يقول. . . " فذكر الحديث، وفي آخره: "فقال له رجل -قال زهير: أراه الأشعث بن قيس-: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين".

وفي رواية السائب: "فقال له ابن الْكَوّاء: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم اللَّه يا أهل العراق، نعم، ولا ليلة صفين".

وللبزار من طريق محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب: فقال له عبد اللَّه بن الكواء -والْكَوّاء بفتح الكاف، وتشديد الواو، مع المدّ-، وكان من أصحاب عليّ -رضي اللَّه عنه-، لكنه كان كثير التعنت في السؤال.


(١) "الفتح" ١٤/ ٣٢٠.