للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سليمان عن أبيه مع أسامة: سعيد بن زيد أحد العشرة المبشّرين بالجنّة -رضي اللَّه عنهم-، وقد قال الترمذيّ: لا نعلم أحدًا قال فيه: عن سعيد بن زيد غير معتمر بن سليمان. انتهى (قَالَ) أسامة: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- "مَا) نافية، (تَرَكْتُ) وفي رواية: "ما أدع أي: أترك، وعبّر بالماضي لتحقّق وقوعه، (بَعْدِي)؛ أي: بعد موتي، وإنما قال: بعدي؛ لأن كونهن فتنة صار بعده أظهر، وأشهر، وأضرّ، فهو عَلَم من أعلام النبوّة حيث أخبر -صلى اللَّه عليه وسلم- عن غيب وقد وقع، واللَّه تعالى أعلم.

(فِتْنَةً)؛ أي: امتحانًا وابتلاء، (هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ") لأن الطباع كثيرًا تميل إليهنّ، وتقع في الحرام لأجلهنّ، وتسعى للقتال والعداوة بسببهنّ، وأقل ذلك أن ترغّبه في الدنيا ليتهالك فيها، وأيّ فساد أضرّ من هذا، وحبّ الدنيا رأس كل خطيئة، مع ما هنالك من مظنة الميل بالعشق، وغير ذلك من فتن، وبلايا، ومِحَن.

قيل: أرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز، فقبلوها، وردّها الفضيل، فقالت له امرأته: تردّ عشرة آلاف، وما عندنا قوت يومنا؟ فقال: مَثَلي ومَثَلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها، فلما هَرَمت ذبحوها، وكذا أنتم أردتم ذبحي على كِبَر سني، موتوا جوعًا قبل أن تذبحوا فضيلًا.

وكان سعيد بن المسيِّب يقول -وقد أتت عليه ثمانون سنة-: ما شيء أخوف عندي عليّ من النساء.

وقيل: إن إبليس لمّا خُلقت المرأة قال: أنتِ نصف جندي، وأنت موضع سري، وأنت سهمي الذي أرمي بك، فلا أخطئ أبدًا (١).

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "فتنة أضرّ"، وذلك لأن المرأة إذا لم يكن يمنعها الصلاح الذي من جبلّتها كانت عين المفسدة، فلا تأمر زوجها إلا بشرّ، ولا تحثّه إلا على فساد، وقد قدّمها اللَّه تعالى في آية ذكر الشهوات: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} على سائر الأنواع، وجعلها نفس الشهوات، حيث بيّن الشهوات بقوله: {مِنَ النِّسَاءِ}، ثم عقّبها بغيرها: {وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} الآية [آل عمران: ١٤]


(١) "فيض القدير" ٥/ ٤٣٦.