للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوقظهما من نومهما، فيشقّ ذلك عليهما وأما كراهته أن يدَعَهما فقد فسره بقوله: "فيستكنا لشربتهما أي: يضعفا؛ لأنه عشاؤهما، وتَرْك العشاء يُهْرِم. وقوله: "يستكنا" من الاستكانة، وقوله: "لِشُربتهما أي: لعدم شربتهما، فيصيران ضعيفين، مسكينين، والمسكين الذي لا شيء له. انتهى (١).

(فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ) قال في "الفتح": فيه إشكال؛ لأنَّ المؤمن يَعلم قطعًا أن اللَّه يعلم ذلك.

وأجيب بأنه تردد في عمله ذلك، هل له اعتبار عند اللَّه أم لا؟ وكأنه قال: إن كان عملي ذلك مقبولًا، فأجب دعائي، وبهذا التقرير يظهر أن قوله: "اللَّهُمَّ" على بابها في النداء، وقد تَرِد بمعنى تحقق الجواب، كمن يسأل آخر عن شيء، كأن يقول: رأيت زيدًا، فيقول: اللَّهُمَّ نعم، وقد تَرِد أيضًا لندرة المستثني، كأن يقول شيئًا، ثم يستثني منه، فيقول: اللَّهُمَّ إلا إن كان كذا. انتهى (٢).

(أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ)؛ أي: طلبًا لمرضاتك، وانتصاب "ابتغاءَ" على أنه مفعول له؛ أي: لأجل ابتغاء وجهك. وفي رواية للبخاريّ: "أني فعلت ذلك من خشيتك ووقع في حديث عليّ عند الطبرانيّ: "من مخافتك، وابتغاء مرضاتك وفي حديث النعمان: "رجاء رحمتك، ومخافة عذابك(فَافْرُجْ) بوصل الهمزة، وضم الراء، من فرج يفرُج الثلاثيّ، وضبطه بعضهم بهمزة قطع، وكسر الراء، من أفرج الرباعي. (لَنَا مِنْهَا فرْجَةً) بضمّ الفاء، وفَتْحها، وقال في "العمدة": قوله: "فرجة" بضم الفاء، من فرجة الحائط، وهو المراد هنا، وأما الفَرْجة بالفتح، فهي عن الكرب والهم. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفرجة بضم الفاء؛ لأنَّه من السعة، فإذا كان بمعنى الراحة قلت فيه: فَرْجة، وفَرَجٌ، وفِعل كل واحد منهما فَرَج بالفتح، والتخفيف، يَفْرُج بالضم لا غير. انتهى (٤).

وقال في "العمدة": قوله: "فافرج لنا" أمْر من فَرَج يَفرُج، من باب نصر


(١) "الفتح" ٨/ ١١٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ١١٣.
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٨٦.
(٤) "المفهم" ٧/ ٦٤.