التوحيد من الحسنات والخير، بدليل حديث أبي رافع المذكور.
وهذا شائع في لسان العرب أن يؤتى بلفظ الكل والمراد البعض، وقد تقول العرب: لم يفعل كذا قط تريدُ الأكثر من فعله، ألا ترى إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يضع عصاه عن عاتقه" يريد أن الضرب للنساء كان منه كثيرًا، لا أن عصاه كانت ليلًا ونهارًا على عاتقه.
والدليل على أن الرجل كان مؤمنًا قوله حين قال له:"لم فعلت هذا؟ " قال: من خشيتك يا رب، والخشية لا تكون إلا لمؤمن يصدق، بل ما تكاد تكون إلا من مؤمن عالم، قال اللَّه تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨].
قالوا: كل من خاف اللَّه فقد آمن به وعرفه، ويستحيل أن يخاف من لا يؤمن به.
وأما قوله:"لئن قدر اللَّه عليّ" فقد اختلف العلماء في ذلك:
فقال بعضهم: هذا رجل جهل بعض صفات اللَّه تعالى، وهي القدرة، قالوا: ومن جهل صفة من صفات اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وآمن به، وعلم سائر صفاته، أو أكثر صفاته لم يكن بجهله بعضها كافرًا، وإنما الكافر مَن عاند الحقّ، لا مَن جَهِله، والشواهد على هذا من القرآن كثيرة.
فهذا هو الكفر المجتمع عليه في الاسم الشرعيّ، والاسم اللغويّ.
والدليل على أن من جهل صفة من صفات اللَّه تعالى لا يكون بها كافرًا إذا كان مصدّقًا باللَّه ورسله وكتبه واليوم الآخر: أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عمر وغيره سألوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن القدر، ومعناه قِدَمُ العلم أنه مكتوب عنده