للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسرائيلية، ولا تعارض؛ لأنَّ طائفة من حِمْيَر تهوّدت، فنُسبت إلى دينها تارةً، وإلى قبيلتها أخرى.

وقوله: (فِي هِرَّةٍ)؛ أي: بسببها.

وقوله: (مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ) بفتح الخاء المعجمة، وكسرها، وضمها، حكاهنّ في "المشارق"، والفتح أشهر، ورُوي بالحاء المهملة، والصواب المعجمة، وهي هوامّ الأرض، وحشراتها، كما وقع في الرواية الأخرى، وقيل: المراد به: نبات الأرض، وهو ضعيف، أو غلط، قاله النوويّ (١).

وقوله: (حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا) بفتح الهاء، وضمّها؛ أي: ضَعفًا، قال المجد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الهُزالُ بالضم: نقيضُ السِّمَنِ، وهُزِلَ، كعُنِيَ هُزالًا، وهَزَلَ، كنَصَرَ هَزْلًا، ويُضَمُّ، وهَزَلْتُه أهْزِلُه، وهَزَّلْتُه، وأهْزَلُوا: هُزِلَتْ أمْوالهُم، كهَزَلُوا، كضَرَبوا، وحَبَسوا أمْوالَهُم عن شِدَّةِ، وضِيقٍ. انتهى (٢).

وقوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ: ذَلِكَ) إشارة إلى سبب ذكره الحديثين: حديث صاحب الوصيّة، وحديث صاحبة الهرّة، فذكرتُ الحديث الثاني (لِئَلَّا يَتَّكِلَ رَجُلٌ) من أهل الطاعة على طاعته، فيستخفّ بالمعاصي، ويسترسل فيها؛ اتّكالًا على الطاعة، فإن هذه المرأة الظاهر أنه كانت مطيعة، وإنما دخلت النار بسبب ظُلمها الهرة فقط، فإذا سمع القصّة تَرَك الاتكال على طاعته، وانكفّ عن الاسترسال في المعاصي؛ خوفًا من المؤاخذة، كما وقع لهذه المرأة.

(وَلَا يَيْأَسَ رَجُلٌ)؛ أي: وذكرتُ الحديث الأول؛ لئلا يقع رجل من أهل المعاصي في القنوط بسبب كثرة معاصيه، فإذا سمع هذا الحديث انشرح صدره لرجاء رحمة ربه، فأناب، وتاب، فقبل اللَّه تعالى توبته، كما قبل توبة الرجل، واللَّه تعالى أعلم.

وقال صاحب "التكملة": قوله: "لئلا يتّكل إلخ"؛ يعني: أن قصّة تعذيب المرأة بسبب الهرّة توجب الحذر من الذنوب، فإن الذنب اليسير ربّما يكفي لتعذيب الإنسان في الآخرة، فهذه القصّة تنفي الاتّكال على الرجاء، والغفلة عن الخوف.

وأما قصّة الرجل الذي أوصى بتحريقه، فإنها تنفي اليأس والقنوط من


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٧٣.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٣٨٣.