يأباه، وهذا الذي نفاه من الوقوع قبل ذلك ليس ببعيد، {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}[إبراهيم: ٢٠]. فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
(فَقَالَ) اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- (لَهُ)؛ أي: لذلك الرجل الذي اجتمعت أجزاؤه، (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟)"ما" الأولى استفهاميّة، والثانية موصولة؛ أي: أيُّ شيء حملك على هذا الذي صنعته من هذه الوصيّة الجائرة؟ (فَقَالَ) الرجل: (خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ، أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ) برفع "خشيتك"، أو "مخافتك" على الفاعليّة لفعل مقدّر، يدلّ عليه السؤال، كما أشار إلى ذلك ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "خلاصته"، حيث قال:
أي:"حملني على ذلك خشيتك"، أو "مخافتك" (فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ")؛ أي: بسبب خشيته، وفي حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-: "فتلقّاه برحمته".
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه في الحديث الماضي، وللَّه الحمد والمنّة.
ثمَّ ذكر المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- الحديث الثاني من الحديثين العجيبين اللذين حدّثه بهما حميد بن عبد الرحمن، فقال بالسند الماضي، وليس معلّقًا، ولذا لم أرقّم له ترقيمًا جديدًا، فما فعله بعض الشرّاح، وكذا الذين رقموا الكتاب من الترقيم الجديد غير صحيح، فتنبّه.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- وهو متّفقٌ عليه من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، وقد تقدّم في "كتاب قتل الحيّات" "باب تحريم قتل الهرّة" برقم [٤/ ٥٨٤١](٢٢٤٣)، وفي "كتاب البرّ والصلة" "باب تحريم تعذيب الهرّة إلخ" برقم [٣٧/ ٦٦٥٦](٢٦١٩)، وتقدّم شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.
وقوله:(دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ) لا يُعرف اسمها، فقيل: حِمْيريّة، وقيل: