للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ لِوَلَدِهِ) بفتحتين، ويَحْتَمِل أن يكون بضمّ، فسكون، وهو لغة فيه: قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الوَلَدُ بفتحتين: كلُّ ما وَلَده شيء، ويُطلق على الذكر، والأنثى، والمثنى، والمجموع، فَعَلٌ بمعنى مفعول، وهو مذكّر، وجَمْعه: أوْلَادٌ، والوُلْدُ وزان قُفْل لغة فيه، وقيس تجعل المضموم جَمْع المفتوح، مثل أُسْدٍ، جمع أَسَدٍ. انتهى (١).

(لَتَفْعَلُنَّ) باللام الموطّئة للقسم؛ أي: واللَّه لتفعلنّ، وهو فعل مضارع مسند لضمير الجماعة، مؤكّد بنون التوكيد الثقيلة، وأصله لتَفعلوننّ، حُذفت نون الرفع؛ لتوالي الأمثال، وواو الجماعة لالتقاء الساكنين، فصار لتَفْعَلُنّ. (مَا) موصولة؛ أي: الشيء الذي (آمُرُكُمْ بِهِ، أَوْ لأُوَلِّيَنَّ) بنون التوكيد الثقيلة أيضًا، من التولية؛ أي: لأعطينّ (مِيرَاثِي)؛ أي: ما يورث مني من المال، (غَيْرَكُمْ) ممن لا يرثني، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه ما يدلّ على أنه كان من شرائع من قبلنا أن للرجل أن يُوَرِّث ماله من يشاء من الناس، فنَسخ ذلك شرعنا. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ويَحْتَمل أن يكون قاله تهديدًا لهم، لا ليفعله، واللَّه تعالى أعلم.

والمعنى: اختاروا أحد الأمرين: إما أن تفعلوا ما آمركم به، أو يحصُل مني إعطاء ميراثكم مني غيركم، ثم بيّن لهم ما يفعلونه بقوله: (إِذَا أَنَا مُتُّ) بضمّ الميم، من مات يموت، كقال يقول، وبكسرها، كخاف يخاف، (فَأَحْرِقُونِي) بهمزة القطع، من الإحراق، قال شعبة: (وَأَكْثَرُ) بالثاء المثلّثة (عِلْمِي)؛ أي: أكبر ظنّي (أَنَّهُ)؛ أي: قتادة (قَالَ: ثُمَّ اسْحَقُونِي)؛ أي: دُقّوني، واطحنوني، وهو بفتح الحاء المهملة، أمْر من سَحَق يَسْحَق، كمنع يمنع، قيل: روي "اسحكُوني"، و"اسهكوني"، والكل بمعنى واحد، وهو الدّقّ والطحن.

وقال في "العمدة": قوله: "فاسحقوني" من السحق، وهو دَقّ الشيء ناعمًا، أو قال: "فاسهكوني"، شكّ من الراوي، من السهك، قالوا: السحق والسهك بمعنى واحد، وقيل: السهك دونه، وهو أن يُفَتّ الشيء، أو يدقّ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٧١.
(٢) "المفهم" ٧/ ٧٩.