للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويَحْتَمِل في توجيه رواية مسلم أن يقال: معنى "رأسه": جعله رأسًا، ويكون بتشديد الهمزة، وقوله: "مالًا"؛ أي: بسبب المال. انتهى (١).

وقوله: (فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا) قال في "الفتح": كذا وقع هنا "يبتئر" بفتح أوله، وسكون الموحّدة، وفتح المثناة، بعدها تحتانية مهموزة، ثم راء مهملة، وتفسير قتادة صحيح، وأصله من البئيرة بمعنى الذخيرة، والخبيئة، قال أهل اللغة: بأرت الشيءَ، وابتأرته أبأره، وأبتئره: إذا خبأته، ووقع في رواية ابن السكن: "لم يأبتر" بتقديم الهمزة على الموحّدة، حكاه عياض، وهما صحيحان بمعنى، والأول أشهر، ومعناه: لم يُقَدِّم خيرًا، كما جاء مفسرًا في الحديث، يقال: بأرتُ الشيء، وابتأرته، وائبترته: إذا ادّخرته، ومنه قيل للحفرة: البئر، ووقع في "التوحيد"، وفي رواية أبي زيد المروزيّ فيما اقتصر عليه عياض، وقد ثبت عندنا كذلك في رواية أبي ذرّ: "لم يبتئر، أو لم يبتئز" بالشك في الزاي، أو الراء، وفي رواية الجرجاني بنون بدل الموحّدة، والزاي، قال: وكلاهما غير صحيح، وفي بعض الروايات في غير البخاريّ: "ينتهز" بالهاء بدل الهمزة، وبالزاي، و"يمتئر" بالميم بدل الموحّدة، وبالراء أيضًا، قال: وكلاهما صحيح أيضًا، كالأولين. انتهى (٢).

وقوله: (قَالَ: فَسَّرَهَا قَتَادَةُ. . . إلخ) فاعل "قال" ضمير سليمان التيميّ.

وقوله: (مَا ابْتَأَرَ، وكذا مَا امْتَأَرَ) بِالْمِيمِ معناهما واحد، كما سبق آنفًا؛ أي: ما ادّخر، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: أما رواية سليمان التيميّ عن قتادة فساقها البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه"، فقال:

(٦١١٦) - حدّثنا موسى، حدّثنا معتمر، سمعت أبي، حدّثنا قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر رجلًا فيمن كان سلف، أو قبلكم، آتاه اللَّه مالًا وولدًا؛ يعني: أعطاه، قال: فلما حُضِر، قال لبنيه: أيُّ أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإنه لم يبتئر عند اللَّه خيرًا -فسَّرها قتادة: لم يدخر- وإن يَقْدَم على اللَّه يعذبه، فانظروا،


(١) "الفتح" ٨/ ١٣٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ١٣٦.