للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الكبير" (١٠٣٧٨)، و (الشاشيّ) في "مسنده" (٢/ ٤٤)، و (البيهقيّ) في "الصفات" (ص ٢٨٣)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (٢٣٧٣)، واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): إثبات صفة المحبّة للَّه تعالى على ما يليق بجلاله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، ومما يُحبّه اللَّه تعالى المدح، ولأجل محبّته مدح نفسه في كتابه الكريم.

٢ - (ومنها): إثبات صفة الغيرة له -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على ما يليق بجلاله، ولا نتأوله، كما تأوله الأشاعرة، وغيرهم، قال ابن دقيق العيد: المنزّهون للَّه إما ساكت عن التأويل، وإما مؤوّل، والثاني يقول: المراد بالغيرة: المنع من الشيء، والحماية، وهما من لوازم المغيرة، فأُطلقت على سبيل المجاز؛ كالملازمة، وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب. انتهى (١).

وتعقّبه الشيخ البرّاك، فقال: قول ابن دقيق العيد: المنزّهون. . . إلخ يريد بالمنزّهين: نفاة حقائق كثيرة من الصفات؛ كالمحبّة، والرضا، والضحك، والفرح، والغضب، والكراهة، والغيرة، وأنهم في نصوص هذه الصفات طائفتان: إما مفوّضةٌ، وإما مؤوّلة، وهذا يصدق على الأشاعرة ونحوهم، فإنهم ينفون هذه الصفات، ويوجبون فيما نفوه إما التفويض، وإما التأويل المخالف لظاهر اللفظ، وإطلاق لفظ المنزّهة عليهم يستلزم أن من يُثبت هذه الصفات مشبّه، وكذلك يسمّون المثبتين لسائر الصفات -وهم أهل السُّنَّة- مشبّهةً، كما أن الجهميّة، والمعتزلة يسمّون المثبتين لبعض الصفات؛ كالأشاعرة مشبّهةً، والحقَّ أن المنزّهة على الحقيقة هم أهل السُّنَّة والجماعة الذين أثبتوا للَّه جميع الصفات الواردة في الكتاب والسُّنَّة، ونزَّهوه عن مماثلة المخلوقات، فتسيمة النفاة منزّهةً، والمثبتين للصفات مشبّهةً من المغالطات، وتسمية الحقائق بغير أسمائها. انتهى كلام البرّاك، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

٣ - (ومنها): أن من أجل غيرة اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- حرّم على عباده الفواحش ما ظهر منها، وما بطن، واللَّه تعالى أعلم.


(١) نقله في "الفتح" ١٧/ ٣٨٢.