للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قوله: "قال: لمن عَمِل بها من أمتي" تقدم في "الصلاة" من هذا الوجه بلفظ: "قال: لجميع أمتي كلهم"، وتمسَّك بظاهر قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} المرجئة، وقالوا: إن الحسنات تكفّر كل سيئة كبيرة كانت، أو صغيرة، وحَمَل الجمهور هذا المطلق على المقيّد في الحديث الصحيح أن "الصلاة إلى الصلاة كفارة لِمَا بينهما، ما اجتُنبت الكبائر".

فقال طائفة: إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لِمَا عدا الكبائر من الذنوب، وإن لم تُجتنب الكبائر لم تَحُطّ الحسنات شيئًا.

وقال آخرون: إن لم تُجتنب الكبائر لم تَحُطّ الحسنات شيئًا منها، وتحط الصغائر، وقيل: المراد أن الحسنات تكون سببًا في ترك السيئات، كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥]، لا أنها تكفّر شيئًا حقيقةً، وهذا قول بعض المعتزلة، وقال ابن عبد البرّ: ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب، واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات، والأحاديث الظاهرة في ذلك، قال: ويَرُدّه الحثّ على التوبة في أيّ كبيرة، فلو كانت الحسنات تكفر جميع السيئات لَمَا احتاج إلى التوبة.

واستُدلّ بهذا الحديث على عدم وجوب الحدّ في القبلة، واللمس، ونحوهما، وعلى سقوط التعزير عمن أتى شيئًا منها، وجاء تائبًا نادمًا، واستنبط منه ابن المنذر أنه لا حدّ على مَن وُجد مع امرأة أجنبية في ثوب واحد. انتهى (١).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٧/ ٦٩٧٥ و ٦٩٧٦ و ٦٩٧٧ و ٦٩٧٨ و ٦٩٧٩] (٢٧٦٣)، و (البخاريّ) في "المواقيت" (٥٢٦) و"التفسير" (٤٦٨٧)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (٣١١٤)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (١/ ١٤٤ و ٤/ ٣١٨ و ٦/ ٣٦٦)،


(١) "الفتح" ١٠/ ٢٢٨ - ٢٢٩.