للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي أوعدت عليه من الركون إلى الظلم، وتهددت فيه، والذي وعدت فيه من إقامة الصلوات اللواتي يُذهبن السيئات، تذكرة ذَكّرت بها قومًا يَذكُرون وعد اللَّه، فيرجُون ثوابه ووعيده، فيخافون عقابه، لا من قد طُبع على قلبه، فلا يجيب داعيًا، ولا يسمع زاجرًا. انتهى (١).

(قَالَ) ابن مسعود: (فَقَالَ الرَّجُلُ) السائل عن هذه المسألة، وهو على الصحيح أبو اليسر. (أَلِيَ) بفتح الياء، وسكونها لغتان، (هَذِهِ) الآية (يَا رَسُولَ اللَّهِ؟)؛ يعني: أهذه الآية مختصة بي بأن صلاتي مذهبة لمعصيتي، أو عامة لكل الأمة؟ والهمزة في "ألي" مفتوحة؛ لأنها للاستفهام، وقوله: "هذه" مبتدأ، وخبره مقدمًا قوله: "ألي"، وقُدّم لإفادة التخصيص (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "قال الرجل ألي هذه؟ "؛ أي: الآية؛ يعني: خاصة بي بأن صلاتي مذهبة لمعصيتي، وظاهر هذا أن صاحب القصة هو السائل عن ذلك، ولأحمد والطبرانيّ من حديث ابن عباس: "قال: يا رسول اللَّه ألي خاصة، أم للناس عامة؟ فضرب عمر صدره، وقال: لا، ولا نعمة عين، بل للناس عامة، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: صدق عمر".

وفي حديث أبي اليسر: "فقال إنسان: يا رسول اللَّه له خاصة"، وفي رواية إبراهيم النخعيّ عند مسلم: "فقال معاذ: يا رسول اللَّه أله وحده، أم للناس كافّة؟ "، وللدارقطني مثله، من حديث معاذ نفسه، ويُحْمَل على تعدد السائلين عن ذلك، وقوله: "ألي" بفتح الهمزة استفهامًا، وقوله: "هذا" مبتدأ، تقدم خبره عليه، وفائدته التخصيص. انتهى (٣).

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("لِمَنْ عَمِلَ بِهَا) الجارّ والمجرور خبر لمحذوف؛ أي: هي كائنة لمن عمل بها؛ أي: بهذه الآية، بأن فعل حسنة بعد سيئة، وقوله: (مِنْ أُمَّتِي") بيان لـ "من"؛ أي: هي عامّة لأمتي كلّهم الموجودين الآن، والآتين بعد إلى يوم القيامة.


(١) "تفسير الطبريّ" ١٥/ ٥١٥.
(٢) راجع: "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ" ٢٧/ ٣٦٢.
(٣) "الفتح" ١٠/ ٢٢٨ - ٢٢٩.