للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أقف على اسم الرجل، ولكن مَن وَحّد هذه القصة والتي في حديث ابن مسعود فسّره به، وليس بجيّد؛ لاختلاف القصتين، وعلى التعدد جرى البخاريّ في هاتين الترجمتين، فحمل الأُولى على من أقرَّ بذنب دون الحد؛ للتصريح بقوله: "غير أني لم أجامعها"، وحَمَل الثانية على ما يوجب الحدّ لأنه ظاهر قول الرجل، وأما من وحّد بين القصتين، فقال: لعله ظن ما ليس بحدّ حدًّا، أو استعظم الذي فعله، فظنّ أنه يجب فيه الحد، قال: ولحديث أنس شاهد أيضًا من رواية الأوزاعيّ، عن شداد أبي عمار، عن واثلة بن الأسقع (١). انتهى (٢).

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا)؛ أي: فعلت فعلًا يوجب الحدّ عليّ، (فَأَقِمْهُ عَلَيَّ) بتشديد الياء، زاد في رواية البخاريّ: "ولم يسأله"؛ أي: لم يستفسره، وفي حديث أبي أمامة التالي: "فسكت عنه، ثم عاد".

(قَالَ) أنس: (وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ) وفي حديث أبي أمامة التالي: "فأقيمت الصلاة"، (فَصَلَّى) الرجل (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ) وفي رواية البخاريّ: "فلما قضى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاة"؛ أي: انتهى، وخرج منها بالتسلييم، (قَالَ) الرجل، ولفظ البخاريّ: "قام إليه الرجل، فقال": (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ)؛ أي: الحدّ الذي أنزله اللَّه تعالى في كتابه، ولعله ظن أن قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الآية [النور: ٢] ينطبق عليه؛ لأن الزنا يحصل باليد، وبالعين، وغيرهما، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالةَ، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى، وتشتهي، والفرج يصدّق ذلك كلّه، أو يكذبه"، متّفقٌ عليه.

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-: ("هَلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ) وفي رواية البخاريّ: "أليس قد صليت معنا؟ "، وفي حديث أبي أمامة التالي: "أليس حيث خرجت من بيتك توضأت، فأحسنت الوضوء؟ " قال: بلى، قال: "ثم شَهِدت


(١) رواه ابن حبّان في "صحيحه" رقم (١٧٢٧).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٦٢٨ - ٦٨٩، "كتاب الحدود" رقم (٦٨٢٣).