(عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدَيقِ) وفي الرواية التالية: "عن قتادة أنه سمع أبا الصدّيق الناجيّ"، فصرّح قتادة بالسماع، فزالت عنه تهمة التدليس، واسم أبي الصديق -وهو بكسر الصاد المهملة، وتشديد الدال المكسورة-: بكر، واسم أبيه: عمرو، وقيل: قيس، وليس له عند مسلم إلا حديثان فقط، هذا، وحديث تقدّم في "الصلاة"، وقال الحافظ: وليس له في البخاريّ سوى هذا الحديث.
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) -رضي اللَّه عنه-؛ (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ:"كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) وفي رواية البخاريّ: "كان في بني إسرائيل"، (رَجُلٌ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أقف على اسمه، ولا على اسم أحد من الرجال ممن ذُكر في القصة. انتهى (١). (قَتَلَ تِسْعَةً وَتسْعِينَ نَفْسًا)؟ أي: ظلمًا، (فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ) إنما سأل عن الأعلم؛ لأنه الذي يوجد عنده عِلم أحكام الشرع، (فَدُلَّ) بالبناء للمفعول؛ أي: دلّه الناس (عَلَى رَاهِبٍ) اسم فاعل من رَهِبَ؛ أي: خاف، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رَهِبَ رَهَبًا، من باب تَعِب: إذا خاف، والاسم: الرَّهْبَةُ، فهو رَاهِبٌ من اللَّه، واللَّه مَرْهُوبٌ، والأصل: مرهوب عقابه، والرَّاهِبُ، عابد النصارى من ذلك، والجمع رُهْبَانٌ، وربما قيل: رَهَابِينُ، وتَرَهَّبَ الرَّاهِبُ: انقطع للعبادة، والرَّهْبَانِيَّةُ من ذلك، قال تعالى:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا}[الحديد: ٢٧]، مَدَحهم عليها ابتداءً، ثم ذَمّهم على ترك شَرْطها بقوله:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد: ٢٧]؛ لأن كُفرهم بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أحبطها، قال الطُّرْطُوشيّ: وفي هذه الآية تقوية لمذهب من يرى أن الإنسان إذا ألزم نفسه فعلًا من العبادة لَزِمه، قال: وأنا أمِيل إلى ذلك، والجواب عنه أن التعرّض بالذمّ لم يكن لإفسادهم العبادة بنوع من الإفسادات المنهية عند الفاعل، وهم لم يفسدوها على اعتقادهم، وإنما ذمّهم على ترك الإيمان بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالذمّ متوجه على الراهب وغيره، فألغى وصف الرهبانية بدليل مَدْحٍ من آمن منهم، وقد أبطل تلك العبادة بقوله:{فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ}[الحديد: ٢٧]، ولم يقل: