تلك الذنوب للمسلمين، فإذا سقطت عنهم وُضعت على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم، فيعاقبون بذنوبهم، لا بذنوب المسلمين، ويكون قوله:"ويضعها"؛ أي: يضع مثلها؛ لأنه لمّا أُسقط عن المسلمين سيئاتهم، وأُبقيَ على الكفار سيئاتهم، صاروا في معنى مَن حَمَل إثم الفريقين؛ لكونهم انفردوا بحمل الإثم الباقي، وهو إثمهم.
ويَحْتَمِل أن يكون المراد آثامًا كانت الكفار سببًا فيها بأن سنُّوها، فلما غُفرت سيئات المؤمنين بقيت سيئات الذي سنّ تلك السُّنَّة السيئة باقيةً؛ لكون الكافر لا يُغفر له، فيكون الوضع كناية عن إبقاء الذنب الذي لَحِق الكافر بما سنّه من عمله السيّئ، ووَضْعه عن المؤمن الذي فعله بما منّ اللَّه به عليه من العفو والشفاعة، سواء كان ذلك قبل دخول النار، أو بعد دخولها، والخروج منها بالشفاعة، وهذا الثاني أقوى. انتهى ما في "الفتح"(١)، وهو تحقيقٌ مفيدٌ، واللَّه تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال:
١ - (عَفانُ بْنُ مُسْلِمٍ) بن عبد اللَّه الباهليّ، أبو عثمان الصفّار البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ، قال ابن المدينيّ: كان إذا شكّ في حرف من الحديث تركه، ورُبّما وَهِم، من كبار [١٠](ت ٢٢٠)(ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٤٤.
(١) "الفتح" ١٥/ ٥٣ - ٥٤، "كتاب الرقاق" رقم (٦٥٣٣).