للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان إكرام اللَّه تعالى لعبده المؤمن، حيث يدنيه منه، ويضع عليه كنفه، حتى لا يسمع أحد مناجاته له.

٢ - (ومنها): أن فيه الرّدَّ على الجهميّة في إنكارهم الصفات، حيث إن فيه إثبات صفة الكلام للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، حيث يكلّم عبده المؤمن في الآخرة.

٣ - (ومنها): بيان فضل سَتر المؤمن على نفسه في الدنيا إذا وقع منه مخالفة؛ لأن ذلك يكون سببًا لمغفرة اللَّه تعالى له ذلك في الآخرة.

٤ - (ومنها): ما قاله المهلَّب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في الحديث تفضُّل اللَّه على عباده بسَتره لذنوبهم يوم القيامة، وأنه يغفر ذنوب من شاء منهم، بخلاف قول من أنفذ الوعيد على أهل الإيمان؛ لأنه لم يستثن في هذا الحديث ممن يَضع عليه كنفه وسِتره أحدًا إلا الكفار والمنافقين، فإنهم الذين يُنادَى عليهم على رؤوس الأشهاد باللعنة.

قال الحافظ بعد نقل كلام المهلّب المذكور ما نصّه: قد استشعر البخاريّ هذا، فأورد في "كتاب المظالم" هذا الحديث، ومعه حديث أبي سعيد: "إذا خَلَص المؤمنون من النار، حُبِسوا بقنطرة بين الجنة والنار، يتقاصّون مظالم، كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا، ونُقُّوا أُذن لهم في دخول الجنة. . . "، الحديث.

فدلّ هذا الحديث على أن المراد بالذنوب في حديث ابن عمر: ما يكون بين المرء وربه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- دون مظالم العباد، فمقتضى الحديث أنها تحتاج إلى المقاصصة، ودلّ حديث الشفاعة أن بعض المؤمنين من العصاة يُعذَّب بالنار، ثم يخرج منها بالشفاعة، كما تقدم تقريره في "كتاب الإيمان"، فدلّ مجموع هذه الأحاديث على أن العُصاة من المؤمنين في القيامة على قسمين:

أحدهما: مَن معصيته بينه وبين ربه، فدلّ حديث ابن عمر على أن هذا القِسم على قِسمين: قِسْم تكون معصيته مستورة في الدنيا، فهذا الذي يسترها اللَّه